تحدثت في مقال الأمس عن الدروس والعبر في مونديال قطر على المستوى الرياضي العربي، والآن أتحدث عن الدروس في المستوى الاجتماعي والثقافي في مونديال (قطر ٢٢). ذلك أنك تلمس من خلال متابعة أخبار المونديال في وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي وكأنه ثمة معركة وصراع بين ثقافة قطر، وهي الثقافة الإسلامية العربية، وثقافة الدول والشعوب الغربية المشاركة في المونديال وفي تشجيع اللاعبين.
من ثقافة الغرب القول (بالمثلية) بين الرجال والنساء، وهي ثقافة شاذة ومخالفة للفطرة البشرية، وقد جرمها القرآن الكريم في قصة قوم لوط، حيث خسف بهم الأرض لشذوذهم وجريمتهم. الغرب صاحب هذه الثقافة الشاذة يريد أن يفرضها على المونديال في قطر، ولكن ثقافة قطر العربية الإسلامية ترفض ذلك، ومن ثمة وقع تصادم في القرارات في الميدان. قطر تمنع، والشواذ يحتجون ويفرضون رؤيتهم ولو خلسة، كما فعلت وزيرة الداخلية الألمانية حين أخفت شارة المثليين على يدها تحت الجاكيت، ثم كشفت عنها لاحقا في مدرج المشجعين.
الثقافة القطرية ثقافة إسلامية عربية، مسكونة بتعاليم وأحكام شرعية. والثقافة الغربية علمانية تحترم القانون ولا تحترم الدين هذا في أحسن التعريفات، لأن احترامهم للقانون يكون فقط عند الرقابة والعقاب، فإن أمنوا الرقيب تفلتوا من القانون.
المعركة الثقافية فرضت نفسها على هذا التجمع الكثيف الغريب، فتفوقت الثقافة الإسلامية العربية الممتلئة بالعطاء على الثقافة الغربية الفارغة من القيم، دون تدخل من الدولة أو من الواعظين، ومن ثمة وجدت من يعلن إسلامه لتأثره بالأذان، ومن يسلم متأثرا بآية أو بمشهد له فيه عبرة، ورأينا من تتعلم لبس الحجاب استكمالا لإسلامها، وإحساسا منها بجماله، وجمال الآمر به.
معركة المونديال الثقافية لم تخطط لها قطر، ولم تسعَ لها، ولكن الواقع فرضها، وحسب قطر نصرة أنها تمسكت بعروبتها وإسلامها، تحت قاعدة الفيفا المقررة سلفا أنه لا سياسة في الرياضة، ولا دين في الرياضة، وعليه قالت قطر للغرب: لا تفرضوا ثقافتكم الشاذة التي اتخذتموها دينًا على مجتمع المونديال، لأن فرضها عليه يستدعي دخول الدين والسياسة في الرياضة، وبهذا ألزمتهم قطر الحجة من ألسنتهم وقوانينهم، وهذا درس جدير بمقاربات أخرى لأهميته في موضوع لقاء الحضارات والثقافات.