فلسطين أون لاين

أحكام الصَّـلاةِ أثنـاءَ السَّيرِ فِي السَّـفَر

...
أحكام الصَّـلاةِ أثنـاءَ السَّيرِ فِي السَّـفَر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإنَّ الْمُعتَمِرين يتأهَّبونَ للسَّفر في هذه الأيام، وهُم مُحتاجونَ إلى مَعرفة فِقهِ الصَّلاة أثناءَ سَيْرِهِم، وفي هذا الإصدار أبْسُطُ أهَمَّ أحكامِها في سِتِّ نِقاطٍ:

أولاً / إذا دَخَلَ وَقتُ الصَّلاةِ بعدَ خَتمِ الْجَوَازِ إيذاناً بالْموافقةِ على السَّفَرِ، وقبلَ أنْ تسيْرَ القافِلَةُ مِنْ مَعبَرِ رفح، وَجَبَ على الْمُسافِرين أداؤها قبلَ أنْ يَرتـَحِلُوا؛ لِوُجُوبِها في حَقـِّهم بِدُخُولِ وَقتِهَا، ويُرَخَّصُ للمُسافِرِ استِحباباً أنْ يُؤدِّيَ الصَّلاةَ الرُّباعِيَّةَ رَكعَتَيْن قـَصراً. 

وإذا كانت الصَّلاةُ صلاةً تـُجمَعُ إليها الصَّلاةُ التي بَعدَها؛ كَالظـُّهرِ، أو الْمَغربِ، فيُسْتحَبُّ لَهُم أداءُ الصَّلاتـَيْنِ مَعَاً؛ الظـُّهْرِ والعَصر، أو الْمَغرِبِ والعِشَاءِ، جَمعَ تقديـمٍ، وقـَصراً قبلَ الْمَسِيْرِ.

 ثانياً/ إذا شَرَعَتِ القافِلَةُ في السَّفَرِ من معبَر رفح قبلَ دُخولِ وَقتِ الصَّلاةِ، فإنه يَجِبُ على الْمُسافِرين النـُّزولُ لأدَائِهَا بعد دُخُولِ وَقتِها، علىٰ التفصيل التالي في بَندَين:

(( 1 )) إذا كانت الصَّلاةُ التي دَخَلَ وقتـُها مِمَّا لا يُجمَعُ مَعَها مَا بَعدَها؛ وهي صَلَواتُ الفَجرِ، والعَصر، والعِشَاء، وَجَبَ علىٰ القَومِ أنْ يَنْزِلوا لأدائِها في وقتِها، ويَحرُمُ عليهم أنْ يُؤخِّرُوها حتىٰ يَنْزِلوا؛ فيُصَلـُّوها قضَاءً بعدَ خُرُوجِ وقتِها؛ فإنَّ الصَّلاةَ كانت علىٰ الْمُؤمِنينَ كتاباً مَوْقوتاً.

(( 2 )) وإذا كانت الصَّلاةُ التي دَخَلَ وقتـُها صلاةً تـُجمَعُ إلَيْها التي بَعدَها، فهٰهُنا احتمالان:

 الأول/ أنْ يَتمَكَّنوا مِنَ النـُّزولِ في وَقتِ الصَّلاةِ الأولىٰ؛ فإنـَّهُم يَجمَعونَ الصَّلاتـَيْنِ حالَئِذٍ جَمْعَ تقديـمٍ مع قصر الرُّباعِيَّةِ إلى رَكعَتين، ثـم يُوَاصِلون سَفَرَهُم بعد ذلك، مَحفُوفِيْنَ برعَايَةِ الله تعالىٰ.

 الثاني/ ألا يَتمَكَّنوا مِنَ النـُّزولِ في وَقتِ الصَّلاةِ الأولَىٰ، فهؤلاءِ يَستـَحضِرُونَ نِيَّةَ جَمْعِ الصَّلاةِ الأولَىٰ (الظـُّهرِ أو الْمَغرِبِ) مَعَ الصَّلاةِ الثانية (العَصرِ أو العِشاءِ)، جَمْعَ تأخِيـرٍ وقصرٍ في وَقتِ الصَّلاةِ الثانية، فيَنْزلُونَ لأدائِهمَا مَعَاً قبلَ خروجِ وقتِ الصَّلاةِ الثانية بوقتٍ كافٍ للصلاتـَيـن.

 ثالثاً/ إذا لَمْ يَتمَكَّنِ الْمُسَافِرُونَ مِنَ النـُّزولِ لأدَاءِ الصَّلَواتِ علىٰ التفصيلِ السابق؛ بِسبَبِ مُواصَلةِ السَّفَرِ؛ فإنـَّهُ يَجِبُ عليهم أنْ يَطلُبُوا مِنْ السَّائقِ، أو رجالِ الأمْنِ أنْ يَنـزلوا لأداءِ الصَّلَوَاتِ، وأنْ يَبذلُوا مَعَهُمْ كُلَّ جُهدٍ مُستَطَاعٍ؛ فإنْ لَمْ تـُفْلِح جُهُودُهُمْ، جَازَ  لَهُمْ أنْ يُؤخِّروا الصَّلاةَ الْمُفرَدَةَ إلىٰ آخِرِ وَقتِها، أو الصَّلاتـَيْنِ الْمَجمُوعَتَيْنِ إلى آخِرِ وقتِ الثانية؛ فإنْ ضَاقَ الوَقتُ؛ بِحيثُ لَمْ يَبْقَ مِنهُ إلا مَا يَسَعُ تلك الصَّلاةَ الْمُفرَدَةَ، أو الصلاتـَيْنِ الْمَجمُوعَتَيْنِ، جَازَ لَهُمْ أنْ يُصَلـُّوا في الْحَافِلَةِ وهِيَ تـَسِيْرُ؛ فإنَّ اللهَ تعالىٰ لا يُكَلِّفُ نفساً إلا وُسْعَها، ومَا جَعَلَ علينا في الدِّين مِنْ حَرَجٍ، ولا يَجوزُ لَهُمْ أنْ يُؤخـِّـرُوا الصَّلاةَ حتىٰ يَخرُجَ وَقتـُها، وإلا كانوا آثِمِيْن.

 رابعاً/ إذا صَلـَّىٰ الْمُسافِرُ في الْحَافِلَةِ حَالَ عَجزِهِ عَنِ النـُّزولِ، وَخَوْفِ فـَوَاتِ الوَقتِ؛ فإنـَّهُ يُصَلـِّيها بِقَدْرِ استِطَاعَتِهِ، وذلك علىٰ التفصيل التالي في هذه البُنـُودِ الثلاثة:

( 1 ) إنِ استطاعَ أنْ يَستقبِلَ القِبْلَةَ في الصَّلاةِ كُلـِّهَا، أو بَعضِها؛ وَجَبَ عَلَيهِ فِعلُ مَا استطاعَ، وإلا فـَلْيَجتَِهدْ في استقبالِها عندَ تكبيرةِ الإحرام، ولا يَضُرُّهُ تـَركُ الاستِقبالِ بَعدَ ذلك إنْ عَجَزَ عَنهُ.

( 2 ) وإنْ لَمْ يَتمَكَّنْ مِنَ القِيامِ، والرُّكُوعِ، والسُّجُودِ في الْحَافِلَةِ، فإنـَّهُ يُصَلِّي جالِسَاً، ويُومِئُ بالرُّكُوعِ والسُّجُود ِإيْمَاءً ـ أيْ: يَنحَنِي انـحِناءً ـ ، وَيَجعَلُ السُّجُودَ أخفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ.

( 3 ) ولا بأسَ أنْ تـُصَلـِّيَ الْمَرأةُ بـِحَضْرَةِ الرِّجَالِ على هذا النـَّحْوِ؛ لأنـَّها مَعذورةٌ.

خامساً/ يُجزئُ في الوضُوءِ إذا شَحَّ الْمَاءُ غَسْلُ الوَجهِ واليَدَينِ إلى الْمِرفقين مَرَّةً مَرَّةً، ومَسحُ الرَّأسِ، والْمسحُ على الْجَورَبَيْنِ، ولا يَجوزُ التيمُّمُ إلا عندَ فـَقدِ الْماءِ حَقِيقةً، أو قِلـَّتِهِ؛ بِحيثُ لا يَكفِي إلا للشُّربِ.

 سادساً/ مَنْ تـَيَمَّمَ، وصلَّى، ثـُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قبلَ خـُرُوجِ وقتِ الصَّلاةِ، فلا يَلزَمُهُ إعادَةُ مَا صَلاهُ بالتيَمُّمِ، وإنْ توضَأ وأعَادَ فَحَسَنٌ، أمَّا إذا وَجَدَ الْمَاءَ بَعدَ خـُرُوجِ الوَقتِ فلا قضاءَ عليه، وصَّلاتـُه صَحيحَةٌ بِفَضلِ اللهِ تعالى وَرَحمَتِه.

والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم.

المصدر / فلسطين أون لاين