فلسطين أون لاين

الاحتلال يكمل مهمة "تنغيص حياتهم" باعتقاله

تقرير خالد نوابيت وأطفاله.. فرحة الانعتاق من معتقلات السلطة لم تكتمل!

...
خالد نوابيت وعائلته
رام الله-غزة/ يحيى اليعقوبي:

لم تسع الفرحة قلب أحلام نوابيت وأطفالها الأربعة حينما أفرج جهاز مخابرات السلطة عن زوجها خالد نوابيت (44 عامًا) مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بعد رحلة اعتقال قاسية امتدت خمسة أشهر، أضرب خلالها 37 يومًا، إذ اعتقدت أنها ستكون "آخر المعاناة"، لكنها كانت جزءًا من سياسة "الباب الدوار" التي تُمارَس بحق العائلة من السلطة والاحتلال منذ عام 2011.

في وقتٍ كانت تنتظر العائلة اتصالًا من المشفى لإجراء عملية قلب مفتوح لـ"نوابيت" بعدما ساءت حالته الصحية في إثر اعتداء عناصر مخابرات السلطة عليه في سجن "مسلخ أريحا"، أفاقت فجر أمس على صوت طرقات جنود الاحتلال واقتحام البيت، وتكبيله واقتياده للسجن، تاركين زوجته تتجرع مرارة الاعتقال والحسرة، بينما راقب أطفالها والدهم من نافذة المنزل بدموع عيونهم.

تفاصيل الاعتقال

تروي زوجته "أم يحيى" لصحيفة "فلسطين" بصوتٍ يسكنه القهر القصة: "استيقظنا على صوت قرع الأبواب بقوة، ثم حدثت مشادات بين جنود الاحتلال وزوجي، ارتعب أطفالي وبكوا، لكنّ الجنود استمروا في إشهار الأسلحة في وجوهنا مع سحب الطلقة في بيت النار لتخويف أطفالي"، واصفةً ما جرى بأنه "مشهد مرعب".

تكمل: "أخبرهم زوجي أنه مريض قلب ويحتاج لعملية قلب مفتوح، لكنهم أصروا على اعتقاله وهو يرتدي ملابس النوم، لولا إصرارنا على تبديل ملابسه، ثم ساروا به مسافة طويلة في منطقتنا الترابية رغم وضعه الصحي الصعب".

تستنكر الاعتقال قائلةً: "هذا ظلم، كظلم اعتقاله لدى السلطة، لم يكن عليه شيء، وقضية منجرة بيتونيا كانت تلفيقًا وتأليفًا وبهتانًا"، مطالبةً المؤسسات الحقوقية والإنسانية بالتدخل لإنقاذ حياته.

تشرح عن وضعه الصحي "كان مُتعبًا خلال اعتقاله لدى السلطة قبل إضرابه بمسلخ أريحا، بدايةً من نوعية الطعام المُقدّم ومعظمه معلبات وأندومي غير صحي، ثم دخل في إضراب لمدة 37 يومًا، اكتشفوا خلاله أنّ صمام القلب لديه ضعيف".

اعتداء من عناصر مخابرات السلطة على زوجها كان سببًا مباشرًا في ضعف صمام قلبه، تطفو تفاصيل الاعتداء على حديثها: "ضربه أحد عناصر المخابرات بقبضة يده ست مرات متتالية، ما أثر على وضعه الصحي وضاعف مشكلة القلب لديه"، مضيفة "بدأ يلهث بعد أيّ مجهود، وبدأ أحد الشرايين بتهريب الدم، وهذا كله بسبب الاعتداء".

من جديد غاب "نوابيت" عن منزله في قرية برقة قضاء رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، التي يحاصرها المستوطنون ويشنون على أهلها اعتداءات متتالية، ولم تكفِ الأسابيع الثلاثة منذ تحرره من سجن السلطة لاستكمال بناء سور المنزل الذي انتقلوا إليه قبل اعتقاله، فترك المنزل بلا سور حماية وباب خارجي، ليتجدد شعور غياب الأمن وهواجس تسلُّل المستوطنين تحت جناح الظلام من جديد.

في بعض الأحيان وخلال اعتقاله لدى السلطة لم تستطع زوجته وأطفاله النوم، تردف: "الآن سيتجدد هذا الشعور لأنّ المستوطنين المتطرفين يحيطون بنا من كل اتجاه، وطوال اعتقال زوجي لدى السلطة كنت أنام بنصف عينٍ خوفًا من أيّ غدر".

كان "نوابيت" يُخطّط لتعويض أطفاله وزوجته عن الفترة التي غيّبته فيها سجون السلطة التي مكث قبلها بستة أشهر في سجون الاحتلال 27 شهرًا، ضمن سبع سنوات قضاها في سجون الأخير بدأت منذ عام 2011.

وطوال تلك المدة اتبع معه الاحتلال والسلطة سياسة "الباب الدوار" في التناوب على اعتقاله، وبين هذه المناوبة، ذاق أطفاله ويلات الحرمان من دفء والدهم، وتحمّلت زوجته مسؤولية مضاعفة فوق كاهلها.

ولدى نوابيت أربعة أطفال هم يحيى (15 عامًا) وسما (13 عامًا) وجنى (11 عامًا) ومحيي الدين (6 أعوام).

الباب الدوار

تتأمل رحلة اعتقاله، تُعلّق غصة قهر في حلقها: "جلست اليوم مع نفسي فتذكرت اعتقاله لدى وقائي السلطة لمدة أربعة أشهر عام 2011، وبعد أشهر من تحرره اعتقله الاحتلال أربع سنوات، ثم تحرر ولم يمض عام ونصف معنا حتى أعاد الاحتلال اعتقاله عامين ونصف، ثم بعد ستة أشهر من التحرر اعتقله الاحتلال لمدة شهر، ثم اعتقلته مخابرات السلطة لخمسة أشهر، قبل أن يعود الاحتلال لاعتقاله الحالي".

يتكئ صوتها على عكاز الصبر تحتسب أجرها لله: "لا يوجد استقرار ولا أمان، لم يحضر معنا أيّ مناسبة، نغّصوا حياتنا، لكنّنا نصبر "فالاعتقال لن يهدم عزيمتنا، وكلّ اعتقال يزيدنا إصرارًا وتحدّيًا وكبرياء".