يبدو أن سنة الله في التغيير نافذة لا محالة، فالدولة تعمر بقدر إعمارها وعدلها في الأرض، فالولايات المتحدة الأمريكية تربعت على عرش الأمم حوالي سبعين عامًا، وهي سنوات قليلة إذا ما قورنت بأعمار الأمم والقوى عبر التاريخ، ولربما يأتي اليوم قريبًا الذي نقول فيه إن أقصر الإمبراطوريات أعمارًا هي أمريكا.
والشواهد على بدء انتهاء تفرد هذه الدولة كثيرة، فالحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا إنما هي حرب بالوكالة بين روسيا وأمريكا، فالأولى تحاول استرجاع أمجاد ماضيها الذي كان لأمريكا الدور البارز في إخراجها من المنافسة على قيادة قطب واسع من العالم في مواجهة القطب الأمريكي.
بالإضافة إلى الهزائم المتكررة لأمريكا وحلفائها سواء في العراق أو أفغانستان، وعدم تمكن هذه الدولة العظمى من بسط نفوذها على هاتين الدولتين وإنهاء الحرب المستعرة فيهما، فعدد القتلى من الجنود الأمريكان كان كبيرًا، والخسائر المادية التي حاولت أمريكا إخفائها عن دافع الضرائب لا يمكن تصورها، عدا عن التكلفة الباهظة لهذه الحرب التي أتت على مقدرات الدولة وجعلتها تعاني من عجز اقتصادي، شاهدنا تأثيره المباشر على قيمة الدولار، وحجم الديون المهولة التي غرقت بها الولايات المتحدة.
ومن ناحية أخرى شاهدنا مؤخرًا وفي أكثر من مكان الهزيمة النكراء لحلفاء أمريكا، وكيف استطاعت قوى الممانعة فرض شروطها وإنهاء حالة الاستقواء بأمريكا التي لم تستطع إنقاذهم من غضب الشعوب الناقمة على أمريكا نتيجة معاناة طويلة من سياسة هذه الإمبراطورية الظالمة.
كما جاء سقوط حلفاء أمريكا في الباكستان وعلى رأسهم برويز مشرف الذي عمل على تنفيذ سياسة أمريكا بحذافيرها في التعامل مع القوى الإسلامية بالقمع والسجن، وعزل القضاة المقبولين من الشعب والمرفوضين من أمريكا، كحلقة جديدة من حلقات السقوط الأمريكي المدوي، وقريباً سنسمع سقوط طغاة آخرين عملوا لحساب المحتل الأمريكي في قمع شعوبهم والحكم بالحديد والنار.
وهنا أود الإشارة أنه بعد تسلم بوش الابن لمفاتيح البيت الأبيض في حينه، وما فعله من سياسة حمقاء مدفوعًا من الصهاينة الذين استحوذوا عليه بالعقيدة والمشورة، وضعت أمريكا قدمها على بداية طريق الانهيار، فالظلم الذي مارسته الولايات المتحدة على مدار عقود كان سببًا رئيسًا لسرعة التراجع والأفول.