مجتمع يهتف في مظاهراته بمناسبة ودون مناسبة: (الموت للعرب) لا يمكنه أن يكون إنسانيا ويتألم لضحايا حريق جباليا وفيهم أطفال ونساء! التعليقات السخيفة المسكونة بالشماتة والحقد التي سجلها إسرائيليون على مواقع التواصل يكشف عن توجهات عنصرية عميقة في مجتمع صهيوني يتظاهر بأنه ديمقراطي وإنساني.
لقد تألم العالم أجمع ومنهم العرب من حرق هتلر لليهود في أفران الغاز، مع أن اليهود في تلك الحقبة كانوا متهمين عند الألمان بالخيانة والجاسوسية لبريطانيا وفرنسا. العربي المسلم لا يقبل أن يحترق عدوه بالنار، وهو لا يحرق عدوه بها، لأنه يعلم من دينه أنه لا يحرق بالنار إلا رب النار. لذا هو لا يحرق حيوانا أو نملا بالنار البتة.
النار التي حرقت واحدا وعشرين من سكان جباليا هي نار الحصار الإسرائيلي، وهؤلاء الشامتون الذين فرحوا بموت النساء والأطفال في جباليا، وتمنوا أن لو كانوا (١٢١) يقدمون الدليل للمجتمع الدولي أن (إسرائيل) مسؤولة عن هذه الجريمة بشكل غير مباشر بفرضها حصارا طويل المدى على السكان.
إن من احترق أجدادهم بالنار يجدر بهم أن يكونوا متألمين حين يحترق غيرهم بالنار، حتى ولو كان المحترقون من العرب الفلسطينيين، لأن ذلك يجب أن يذكرهم بالكارثة التي أصابتهم، وحتى لا يقدموا لهتلر تسويغًا لما فعله بهم.
دولتهم الزائلة بإذن الله لا تردعهم عن هذه الأخلاق الهابطة والعنصرية، بينما تحتج على كل من يعترض على المحرقة، أو ينكر المبالغات التي نسجها اليهود حولها، لابتزاز ألمانيا والعالم. إن من يريدون من المجتمع العربي الدولي الاعتراف بمحرقة هتلر، عليهم ألا يمارس حرق المدنيين بالقنابل، وبالحصار، وأن ينضموا لمعاهدة عدم قصف الأماكن المدنية، وعليهم ألا يشمتوا بكوارث الآخرين حتى لا يشمت الناس بهم لكوارث مضت، أو بكوارث قد تقع.