لاقت موافقة اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بإنهاء الاستعمار على مشروع قرار يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار فتوى قانونية بشأن الوضع القانوني للاحتلال الإسرائيلي سخطاً إسرائيلياً شديداً؛ الأمر الذي يُشير إلى أن هذا القرار سيكون له تَبعات قانونية مهمة في حال نجحت مساعي الفلسطينيين في إصدار فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية بشأن الماهية القانونية لوجود الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية. فما هي أهمية قرار اللجنة الرابعة للأمم المتحدة؟ وماذا سَتضيف الفتوى الجديدة التي ستصدر من محكمة العدل الدولية في حال نجحت مساعي الفلسطينيين في الوصول للمحكمة مجدداً؟
لا بد من الإشارة بداية إلى أنه سيجري تصويت على مشروع القرار الذي وافقت عليه اللجنة الرابعة، حيث سيتم عرض المشروع على الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقوم بالتصويت عليه في شهر ديسمبر القادم، وفي حال تم التصويت بالإيجاب، فستتم إحالة الملف إلى محكمة العدل الدولية؛ حيث سيتم توجيه سؤالين للمحكمة عليها أن تجيب عنهما: 1- ما التداعيات القانونية الناشئة عن انتهاك (إسرائيل) المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، من الاحتلال المستمر، من المستوطنات والاستيطان في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك التغيير في الوضع الديموغرافي ومكانة القدس، واعتماد تشريعات وإجراءات تمييزية أخرى؟ 2- كيف تؤثر جميع الأفعال المنسوبة لإسرائيل في السؤال الأول في الوضع القانوني للاحتلال نفسه؟ وما الأهمية القانونية تجاه دول في الأمم المتحدة فيما يتعلق بهذا الوضع القانوني؟
إن إحالة موضوع الماهية القانونية لوجود الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية له أهمية كبيرة؛ لأن ما تتمتع به محكمة العدل الدولية من آراء استشارية لها أهمية كبرى على المستوى الدولي، وهو ما يُذكر بالقرار الاستشاري الصادر عام 2004م عن المحكمة بشأن عدم مشروعية جدار الفصل العنصري في الأراضي المحتلة عام 1967م، وما انطوى عليه القرار من قيمة قانونية بالغة، حيث إن العمل في الأمم المتحدة قد جرى على احترام تلك الآراء على نحو يجعل لها من القيمة ما يعادل قيمة الأحكام المُلزمة قانونياً، وهي من بين السوابق التي ينبغي البناء عليها .
وعلى الرغم من عدم إلزامية الفتاوى الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، إلا أنه في حال تمكنت فلسطين من الوصول للمحكمة مجدداً وحصلت على رأي استشاري بعدم قانونية وجود الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية؛ فإن هذا الأمر سيكون له تداعيات قانونية مهمة أبرزها أن هذه الفتوى ستضع النقاط على الحروف وستؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، حيث تعني عدم القانونية هنا أنه لا يمكن تعليق إنهاء الاحتلال على أساس الوصول لحل تفاوضي، كما ستؤكد الفتوى أن معاملة المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية خطأ، سواء على المستوى الإنساني أو السياسي أو الاقتصادي؛ وعليه فسيكون المجتمع الدولي مُطالب بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الذي أوجدته السياسات الاستعمارية الإسرائيلية باعتباره قانونياً وألّا تساعد أو تحرض على ذلك، وأن تتخذ إجراءات مضادة لإنهاء احتلال (إسرائيل) للأراضي الفلسطينية، ومنها (التدابير الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية) التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة.