فلسطين أون لاين

سجلت حضورًا فاعلًا بالانتفاضات والهبات الشعبية

تقرير مخيمات اللاجئين في القدس المحتلة.. خزان ثورة لا ينضب

...
مخيمات اللاجئين في القدس المحتلة خزان ثورة لا ينضب
القدس المحتلة-غزة/ يحيى اليعقوبي:

عبر عقود طويلة شكل مخيما "شعفاط وقلنديا" للاجئين بالقدس المحتلة، خزانًا وحواضن للثورة الفلسطينية، ومدرسة للفدائيين قدمت عشرات الشهداء وآلاف الأسرى، وواجهوا الاحتلال عبر محطات وملاحم عديدة سطرها الشعب الفلسطيني.

من الشواهد الحديثة على دور المخيم الثوري، ما حصل مؤخرًا في عملية الشهيد عدي التميمي عند حاجز "شعفاط" في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما تلا ذلك من قيام المخيم بإعلان العصيان المدني، وتشكيل حاضنة شعبية للتميمي على مدار 11 يومًا طيلة محاولات الاحتلال الوصول إليه وحصار المخيم، إلى أن تمكن التميمي من تنفيذ عملية أخرى عند مدخل مستوطنة "معاليه أدوميم"، أسفرت عن مقتل مجندة وإصابة آخرين.

بمجرد التأكد من هوية الشهيد زحف أكثر من ثلاثة آلاف شاب نحو منزل التميمي، وبكته مساجد المخيم، هاتفين له، وسبقه الشهيد فادي أبو شخيدم، الذي نفذ عملية مسلحة عند أحد أبواب المسجد الأقصى في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، التي أسفرت عن مقتل مستوطن وإصابة 3 آخرين.

لا يبعد عن المشهد الشهيد محمد علي ابن المخيم، الذي استشهد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة "باب العمود"، بعد طعنه ثلاثة جنود من عناصر القوات الإسرائيلية الخاصة في أكتوبر/ تشرين الأول 2015.

اكتظاظ وتسهيلات

كل ركن بالمخيم الذي لا تزيد مساحته على 4 كيلومترات مربعة، ويعيش فيه نحو 120 ألف لاجئ فلسطيني، شاهد على معاناة يعيشها الشعب الفلسطيني ونضالات وتضحيات المخيم.

وأمام هذه الحالة الثورية المتجددة في المخيم، تعتزم بلدية الاحتلال تنفيذ مخطط جديد تحت عنوان مشروع "تحديث وتطوير البنية التحتية"، في الأشهر المقبلة، لتحديث الطرق والمياه والكهرباء والصرف الصحي، والتطوير البيئي، إلى جانب إنشاء محطة حافلات عند مدخل المخيم، وفق موقع "واي نت" العبري.

لكن الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات، يرى أن التسهيلات هدفها إخماد الثورة، وفرض مزيد من المراقبة الأمنية، وإنهاء خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بصفتها المسؤولة عن تقديم الخدمات للمخيم، وشطب وجودها بالقدس كشاهد على نكبة الشعب الفلسطيني، ما يتبع ذلك بملاحقة أهالي القدس الذين لا يحملون صفة لاجئ ويسكنون بالمخيم لإخراجهم.

اقرأيضا: ​الاحتلال يسعى لأسرلة المخيمات المقدسية بوساطة فتحاوية

وقال عبيدات، لصحيفة "فلسطين"، إن الاحتلال يريد تفكيك الحاضنة الشعبية وعزلها عن بؤر المقاومة، التي بات يخشى من تصاعدها بعد عملية عدي التميمي.

عبر فترات طويلة كان "شعفاط، وقلنديا" حاضرين في المحطات الثورية، في الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية والهبات الشعبية المتلاحقة في هبة البوابات الإلكترونية عام 2017 وباب الرحمة عام 2019.

ويعاني المخيم، وفق عبيدات، أزماتٍ اقتصادية إضافة لخدمات محدودة تقدمها "الأونروا"، على مستوى خطوط الصرف الصحي، والمياه، وكذلك بمجال التعليم إذ يفتقر للتجهيزات، لافتًا، إلى أن 70% من أهالي المخيم يعملون لدى الاحتلال في قطاعي البناء والخدمات.

للمخيم مدخل من الجهة الغربية الذي يربطه بالقدس ووقعت به عملية إطلاق النار التي نفذها التميمي، وكذلك مدخل شرقي يربطه ببلدة "عناتا" ويوصله بالضفة الغربية، ومن ثَم يعزله الاحتلال بالكامل عن محيطه الفلسطيني، ويجعله أشبه بسجن كبير كما حدث خلال حصار فرضه لمدة 11 يومًا خلال بحثه عن التميمي.

ويعتقد عبيدات أن الاحتلال لجأ لإقامة مدخل ومخرج لكل قرية ومخيم، بهدف محاصرة الوجود المقدسي، ومنع التواصل، بحيث تتحول لسجون كبيرة لا يستطيع الأهالي الخروج والدخول إلا من خلال البوابات، وهذه تندرج في إطار العقوبات الجماعية.

وبحسب الباحث في شؤون القدس د. جمال عمرو، فإن مخيم شعفاط هو المخيم الوحيد للاجئين الموجود داخل حدود بلدية الاحتلال في القدس ويحمل اللاجئون فيه بطاقات الهوية المقدسية.

يقول عمرو لصحيفة "فلسطين"، إن أهالي المخيم تهجروا من 55 قرية وبلدة عام 1948، يحملون الهوية المقدسية التي تسمح لهم بزيارة بلداتهم المهجرة، فيزدادون حسرة وهم يمتلكون مفتاح البيوت والأوراق الثبوتية لكنهم لا يستطيعون العودة إليهم أمام قوة السلاح، ما يعجلهم معبئين نفسيًّا ومعنويًّا تجاه حق العودة.

يرى أن عدم خضوع المخيم لسيطرة السلطة كان عنصرًا مهمًّا في استمرار شعلة المقاومة فيه، مشبهًا إياه بمخيم جنين الذي تمرد على السلطة، وشكل حاضنة شعبية لاستنهاض للثورة.

من النقاط الفاصلة في تاريخ المخيم، هو إخلاء المخيم من قبل الأردن وبضغط من الأونروا بـ"طريقة عجيبة" حسب وصفه، ما زالت تفاصيلها غير واضحة، من حي "المغاربة" إذ كان الكثير منهم يسكنون فيه.

عبر عقود طويلة استمر الاحتلال في استهداف المخيم، فقام عام 2002 بعزله من خلال إقامة جدار الفصل العنصري، ثم أقام بوابتين على مدخله وأصبح أشبه بمعبر.

يعتقد عمرو، أنه لا يمكن حصر تضييق الاحتلال على المخيم، إذ يراقب الاحتلال عبر الكاميرات كل شخص يدخل ويخرج من المخيم، ولوحات مركباتهم، لمعرفة من يسكن المخيم، إضافة لخلو المخيم من أماكن ترفيهية وعدم قيام الوكالة بواجباتها إلا بشكل محدود.

ولفت إلى أن الاحتلال أقام حول المخيمات مستوطنات بنظام عمراني فريد بحيث يخرج ابن المخيم من بيئة السجن إلى تلك الأماكن، ما يشكل ضغطًا نفسيًّا عليه.