المعركة الأبرز التي مثلت تحولًا إستراتيجيًّا في صراع الأدمغة بين المقاومة والاحتلال خلال العقود الأخيرة هي معركة حد السيف التي وصفها رئيس وزراء الاحتلال في حينه بنيامين نتنياهو بالضربة الأكثر إيلامًا للمنظومة الأمنية الإسرائيلية خلال العقود الماضية، والخسارة الأكبر له طوال سنوات حكمه، التي كانت سببًا مباشرًا لسقوط وزير الجيش في حينه أفيغدور ليبرمان وأدخلت الكيان في حالة من الفوضى السياسية والحزبية، ترتب عليها إجراء الانتخابات البرلمانية خمس مرات خلال أربع سنوات.
الذكرى الرابعة للإنجاز الذي حققته المقاومة في غزة ضمن معادلة حرب الأدمغة ومثلت تحولًا في المفاهيم الأمنية، وكشفت فيه عن جزء مهم من أساليب الاحتلال على الصعيد الأمني، وإفشال العملية بحد ذاته أحبط الجهود الاستخباراتية الإسرائيلية الممتدة لسنوات قبل المعركة التي دارت رحاها في شرق خانيونس، ووضعت حدًّا لمحاولات الاحتلال في اختراق قطاع غزة أمنيًّا، أو المس بمنظومة العمل الأمني والعسكري للمقاومة، ومنظومة العمليات المرتبطة بغرف التحكم السيطرة والاتصالات التي تطورت بشكل مذهل، كشفت المعركة جزءًا من قدرة التعاطي السريع والمباشر، أو تحليل المعلومات التي تم الوصول إليها عبر السيطرة على المعدات والأجهزة المتطورة والنوعية التي يمتلكها الاحتلال وحصرية لأجهزته الأمنية على مستوى العالم.
كشفت المعركة عن نوع خاص من المقاتلين الذين يقودون المقاومة في غزة، وهم نموذج من المقاتل العسكري الشجاع والقائد الأمني الذي يتمتع بالحدس الأمني والتصرف بمهارة عالية، وهنا مثله الشهيد القائد القسامي نور الدين بركة الذي تولى متابعة ومطاردة القوة الخاصة والاشتباك معهم من النقطة صفر، وهو المعروف عنه بالمقاتل الصنديد الذي قاد واشترك في عمليات عدة للعمل المقاوم وإعداد الاستشهاديين وقيادة المقاتلين في الحرب على غزة عام 2014 وهو مقاتل من طراز فريد، تمكن من هزيمة نخبة الاحتلال التي يفتخر بها الاحتلال على مدار عقود من السنوات، وتحولت نخبة الأركان (سيريت متكال)، إلى موضع استهزاء داخليًا وخارجيًا، وتقاذف قادة الاحتلال الاتهامات، حول مسؤولية الفشل الأضخم في تاريخ الاحتلال.
رغم مرور أربع سنوات على العملية، فإن تأثيرها لم ينتهِ على قوة النخبة التي فشل كل من تولى المسؤولية عنها في الخروج من نتيجة الفشل الذي منيت به شرق خانيونس على يد الشهيد نور بركة ورفاقه من الشهداء.
الخنجر الذي طعنت به المقاومة في خاصرة الاحتلال ما زال حاضرًا، وحق لشعبنا الفلسطيني أن يفتخر بما حققته معركة سيف القدس التي مهدت لمعركة سيف القدس التي نجحت فيه المقاومة في إفشال الاحتلال ومنعه من الحصول على معلومات حول نوايا المقاومة، ويعود الفضل لحد السيف التي حصنت المقاومة نفسها من اختراقات الاحتلال، وراكمت القوة والصلابة في إدارة المواجهة مع الاحتلال ضمن معركة تراكم القوة وصولًا للمواجهة الأكبر والأوسع مع الاحتلال، وردع الاحتلال عن محاولة النيل من المقاومة، أو اختراق غزة بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء بمحاولة الوصول إلى مقدرات المقاومة، أو النيل من قادتها في غزة.