رغم ما تشهده القدس ومدن الضفة الغربية المحتلة من انتهاكات وجرائم يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي وتطال في الغالب مُطارَدين؛ إلا أن المقاومة تشهد التفافًا شعبيًا وجماهيريًا تجلى في أكثر من موقف.
وأثبتت العديد من المشاهد مدى احتضان الجماهير الفلسطينية لعناصر المقاومة والفدائيين في مدن مختلفة من الضفة الغربية وخاصة نابلس، حيث تنتشر مجموعات "عرين الأسود"، وجنين التي توجد فيها "كتيبة جنين".
ولا تخلو أي عمليات اقتحام تنفذها قوات الاحتلال لهذه المدن، من تدخل المواطنين لحماية المقاومين، وتجلى ذلك خلال اجتياح جنين، أمس، لاعتقال أحد المطاردين، حيث تصدى المواطنون لجيبات الاحتلال محاولين منعها من تنفيذ الاقتحام.
ولعل احتضان جماهير مدينة جنين لفتحي خازم والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن، يعكس بقوة انتماء هذه الجماهير لأرضها، وقناعتها بمقاومة الاحتلال. وذات المشهد تكرر في نابلس، التي تحتضن في بلدتها القديمة مقاومي "عرين الأسود".
تعاضد كبير
وقال الباحث السياسي والكاتب ثامر سباعنة: إن الحاضنة الجماهيرية ما زالت تحتضن المقاومة وتتغنى بها وتقدم لها، وهي تدرك تمامًا استمرار انتهاكات الاحتلال والعدوان على المقدسات والمواطنين، وهذا ما جعل شعبنا يلتف حول المقاومة.
وأضاف سباعنة لصحيفة "فلسطين"، أن المقاومة في الضفة الغربية لها أثر كبير وفعال، واستطاع المطاردون والشهداء الذين نفذوا عمليات فدائية، إيجاد حالة تعاطف وتعاضد كبيرة بينهم وبين الجماهير الشعبية.
وأشار إلى ظهور شخصيات شكلت رموزًا وطنية وشعبية، مثل فتحي خازم المكنى بـ "أبو الرعد"، والشهداء عدي التميمي، وإبراهيم النابلسي، والعديدين غيرهم، وثبات أهالي الشهداء وصمودهم الذي تجلى عند وداع أبنائهم قبل أن يواروا تحت الثرى، وهذا كله يزيد الحاضنة الشعبية وثقة الشارع بالمقاومة.
ولفت سباعنة إلى أهمية وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، في إبراز دور المقاومين والمطاردين ودورهم في مواجهة الاحتلال والتصدي لجرائمه، ونشر أعمال المقاومة والأخبار الصادرة عنها، وهذا ما جعل الجماهير تشعر بقرب المقاومة منها، وزاد قبول الشارع لها.
إثارة الشكوك
ونبَّه إلى أن دور الجماهير يمتد إلى رصد تحركات جيش الاحتلال وقواته الخاصة، ونشرها أولاً بأول على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ينبه المقاومين للاقتحامات، ويرافق ذلك عمليات انتشار للمواطنين في محيط المكان الذي اقتحمه الاحتلال للدفاع عن المطاردين ومن أراد الاحتلال اغتيالهم أو اعتقالهم.
ومقابل هذا الالتفاف الشعبي، يجب على أجهزة أمن السلطة الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين من سجونها، وفق الباحث سباعنة، مشيرًا إلى أن السلطة عاجزة عن حماية الشعب الفلسطيني، وعليها تركه للدفاع عن نفسه، وليس اعتقال النشطاء والمعارضين والزج بهم في السجون.
من جهته، أكد الباحث السياسي مجدي حمايل، أنه لم يعد أمام الجماهير الفلسطينية سوى الالتفاف حول مجموعات المقاومة التي ظهرت في مدن الضفة بسبب انعدام الأفق السياسي وانتهاء سراب التسوية الذي راهنت عليه السلطة كثيرًا.
وأضاف حمايل لصحيفة "فلسطين"، أن الجماهير الفلسطينية تعد الآن المقاومة الممثل الشرعي لها، لكونها هي من تقف في وجه الاحتلال وانتهاكاته وتدافع عنها، وهذه الجماهير تبادل المقاومة نفس الدور باحتضانها ومساندتها ميدانيًا.
وتابع: أن الالتفاف الشعبي حول المقاومة يشكل سببًا رئيسيًا لفشل مخططات الاحتلال وعمليات الاقتحام المتكررة التي ينفذها، وهو يقف في وجه محاولات الاحتلال للقضاء على مجموعات المقاومة.
وأكمل أن جميع المؤامرات التي حيكت ضد المقاومة سواء من السلطة أو أطراف عربية أخرى، كان الشعب الفلسطيني يقف درعًا لحمايتها، ولقد أعطى الأهالي في مخيم شعفاط بالقدس المحتلة مثالاً يحتذى به وأفشلوا كل محاولات الاحتلال للقضاء على المقاومة.
وأشار حمايل إلى محاولة أجهزة السلطة اعتقال عدد من أفراد مجموعات "عرين الأسود" في نابلس، حيث خرجت نابلس على بكرة أبيها للدفاع عنهم، وأصبح دور الحماية والدفاع متبادل بين المقاومة التي تحمي الشعب، والشعب الذي يدافع عن المقاومة، عادًا ذلك مقدمة لانتفاضة شعبية جديدة في وجه الاحتلال.
وطالب السلطة وأجهزة أمنها بكف يدها عن المقاومة في الضفة، والحد من الاعتقالات السياسية، وإطلاق سراح جميع المطاردين المعتقلين لديها، ووقف سياسة التنسيق الأمني المرفوض شعبيًا وفصائليًا.