فلسطين أون لاين

بدأت والدته إضرابًا عن الطعام والدواء تضامنًا معه

تقرير محمد دراغمة.. معتقل في "مسلخ أريحا" بلا تهم و"أمعاؤه الخاوية" خياره

...
محمد دراغمة - أرشيف
طوباس-غزة/ نور الدين صالح:

لم يكن الشاب محمد دراغمة (19 عاما) يعلم أن استدعاء جهاز مخابرات السلطة له الأربعاء الماضي للمقابلة بمقره في مدينة طوباس شمال غرب الضفة الغربية المحتلة بمنزلة "فخ" لاستدراجه وزجه في سجونه.

وبمجرد وصول دراغمة إلى مقر مخابرات السلطة انقطعت المعلومات عنه، ولم يتمكن من التواصل مع عائلته لإخبارها بما حدث معه، حسب ما يروي شقيقه أحمد لصحيفة "فلسطين".

اقرأ أيضاً: أحمد هريش.. 47 يوما من الاعتقال السياسي والتعذيب في مسلخ أريحا

ظلّ القلق جاثمًا على قلوب أفراد عائلته، وبعد يومين من الجهود التي بذلتها تمكنت من الحصول على معلومات تفيد بأن محمد مُعتقل في "مسلخ أريحا" التابع للسلطة، وقد شرع في إضراب مفتوح عن الطعام، لتكون "أمعاؤه الخاوية" خياره الوحيد للمطالبة بالحرية.

وبحسب المعلومات التي توفرت أيضا للعائلة، كما يسردها دراغمة، فإن تدهورا طرأ على الحالة الصحية لشقيقه محمد، ما استدعى نقله إلى المستشفى، علما أنه أُصيب برصاص الاحتلال قبل عامين خلال مواجهات اندلعت في طوباس.

ومما يزيد القلق والقهر لدى عائلة دراغمة، حسب ما يقول أحمد، اعتقال شقيقه "فجأة" ودون توجيه أي تهم واضحة له، لافتا إلى أن هذا الاعتقال ليس الأول الذي يتعرض له.

ولا يزال محمد مستمرا في الإضراب الذي شرع فيه الجمعة الماضية رفضا لاعتقاله السياسي بشكل تعسفي، وفي ظل عدم تنفيذ الوعود المتعلقة بالإفراج عنه.

وقبل أربعة أيام، أعلنت والدة "دراغمة" إضرابها المفتوح عن الطعام والدواء أيضا تضامنا مع نجلها، رغم ما تعانيه من أمراض، إذ باتت حالتها الصحية تتدهور يوما بعد آخر، وفق أحمد.

وطالبت والدة المعتقل دراغمة وجهاء العشائر والمسؤولين بالتدخل والضغط على أجهزة أمن السلطة للإفراج عنه ومراعاة ظروفه الصحية.

وأكد أحمد الذي أفرجت عنه السلطة قبل نحو أسبوع من "مسلخ أريحا" بعد اعتقال دام 3 أشهر، رفضه نهج الاعتقالات السياسية الذي تمارسه أجهزة أمن السلطة في مدن الضفة الغربية، مطالبا بالإفراج عن جميع المعتقلين، ووقف سياسة التعذيب بحقهم.

يذكر أن المعتقل "دراغمة" هو الثاني الذي يخوض إضرابا عن الطعام، مع المعتقل السياسي أحمد هريش المضرب منذ 47 يوما، ويرقد على أسرّة المستشفى، نتيجة تردي حالته الصحية.

وبحسب مجموعة "محامون من أجل العدالة" فقد تم تسجيل 600 حالة اعتقال سياسي في سجون أجهزة أمن السلطة منذ بداية العام الجاري.

جريمة وهيمنة

وأكدت المتحدثة باسم أهالي المعتقلين السياسيين أسماء هريش أن أجهزة أمن السلطة صعدت من حملات الاعتقالات السياسية خلال الستة أشهر الماضية بشكل لافت، واصفةً الاعتقالات السياسية بـ"الجريمة".

ونوهت هريش في حديث لـ"فلسطين" إلى أن الاعتقالات السياسية لم تتوقف منذ قدوم السلطة، وأن هذه الاعتقالات تطال محررين وصحفيين وطلبة جامعة ونساء، دون وجود تهم محددة.

وعدّت أن إقدام أجهزة أمن السلطة على الاعتقالات السياسية يأتي استمرارا لسياسة التنسيق الأمني، وتغولها على المواطنين دون وجود أي رادع من الجهات السياسية أو الحقوقية.

وبيّنت أن استمرار الاعتقالات السياسية تأتي ضمن سياسة الهيمنة والسيطرة التي تتبعها السلطة في جميع مدن الضفة الغربية، نتيجة عدم تشكيل ضغط عليها لوقف هذه "الجريمة" التي تشل حياة المعتقلين وتلقي بظلال سلبية على عائلاتهم.

وجددت تأكيدها أن ملف الاعتقالات السياسية يؤثر سلبيا في القضية الفلسطينية، خاصة أن السلطة لا تعطي اهتماما لتحقيق الوحدة الوطنية، بل تمضي باتجاه انتهاك الحريات العامة، لافتة إلى أن السلطة اخترقت اتفاقيات المصالحة التي وُقعت في الجزائر مؤخرا باستمرار هذه الاعتقالات.

وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت الخميس الماضي بيانا دعت فيه السلطة برام الله إلى التحقيق في ملف تعذيب معتقلين سياسيين في سجونها، وضمان محاكمتهم محاكمة عادلة.

اقرأ أيضاً: علاء غانم.. محررٌ يوقد شمعة ميلاده بين قضبان "مسلخ أريحا"

وقالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا هبة مرايف: "لا مبرّر للتعذيب إطلاقًا، وعلى السلطات أن تبدأ فورًا تحقيقًا شاملًا وفعالًا ومحايدًا ومستقلاً في مزاعم هؤلاء المحتجزين بالتعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة".

وبالعودة لـ"هريش"، عبّرت عن أملها في استجابة السلطة لدعوات منظمة العفو، والعمل على إنهاء ملف الاعتقالات السياسية، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وخاصة المضربين عن الطعام.