مستهزئا بهم وبأسلحتهم، وساخرا من بطشهم، وبابتسامة الواثق بنصر الله وهو يساق إلى السجن؛ سجل الشيخ رائد صلاح انتصاراً معنوياً فريداً على سجانيه وأعدائه؛ وهم ما عرفوا انه بسجنه؛ يزيدونه قوة وصلابة، ويشعلون قلوب المخلصين بحب المسجد الأقصى من جديد، بعد انتصار أهالي القدس الأخير في قضية البوابات.
هل إعادة تكرار اعتقال الشيخ رائد صلاح – شيخ الأقصى - فجر يوم الثلاثاء 1582017، من منزله في أم الفحم؛ سيساهم ويعزز من أمن الاحتلال؛ أم أنه سيعري ويكشف أكثر غطرسة وخوف وقلق الاحتلال من القادم!؟
"نتنياهو" ومعه "ليبرمان" و"بينت" ظنوا أنهم بسجن رجل مثل الشيخ؛ يمكن أن يواصلوا استهداف المسجد الأقصى بكل أريحية دون ضجيج أو مقاومة؛ ولكنهم يكابرون، فكل فلسطيني هو الشيخ رائد صلاح، وكل ضربة لا تميت تزيد الشعب الفلسطيني قوة.
روحك ما يهمها اعتقال؛ يا شيخ الأقصى، وإن كانوا حبسوا جسدك؛ فإن ما عملته وسننته للجيل الفلسطيني الحالي في كيفية الدفاع وحماية المسجد الأقصى وتطوير ذلك؛ يعد مدرسة تتعلم منها الأجيال، تجعل الاحتلال لا يهنأ باحتلاله، وتقرب ساعة زواله.
القوي بالحق لا يخاف، والضعيف المهزوز القائم على الباطل؛ هو الذي يخشى القوي؛ ولذلك يلاحقه بالاعتقال؛ فشرطة الاحتلال في بيان لها تقول انه سيتم إخضاع صلاح للتحقيق؛ تحت طائلة التحذير بشبهة التحريض ودعم نشاط الحركة الإسلامية التي تم حظرها.
كلما زاد الاحتلال من ملاحقة واعتقال الشيخ صلاح، رئيس الحركة الإسلامية بالداخل المحتل عام 1948، فإن الشيخ والحركة تزداد قوة رغم حظرها؛ ويجيء الاعتقال عقب موجة من التحريض على الشيخ خلال أحداث الأقصى الأخيرة، حيث يتهمه الاحتلال دوماً بالتحريض على مواجهة ممارساته بحق الأقصى.
هل أثنى الاعتقال الشيخ صلاح عن القيام بواجبه ودوره المنوط به!؟ فقد تعرض الشيخ صلاح عدة مرات للتحقيق والاعتقال كان آخرها في أيار/مايو 2016، حيث اعتقل لمدة 9 أشهر بتهمة التحريض في خطبة وادي الجوز، وأفرج عنه في كانون الثاني/يناير 2017.
اعتقال الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية؛ فضح وكشف كيان الاحتلال التي بانت عورته؛ بزعمه انه واحة الديمقراطية وسط محيط عربي متخلف وجاهل؛ فكيان يدعي أن جيشه لا يقهر؛ لا يطيق ولا يقدر على تحمل أن يرى الشيخ يوضح ويكشف ما يجري في القدس المحتلة؛ حيث يهدف الاحتلال من سجن الشيخ؛ لتغييبه وتغييب مليار ونصف مليار مسلم؛ عما يتعرض له المسجد الأقصى ومدينة القدس في ظل استمرار مخططات التهويد.
صلاح هو رجل بأمة؛ وتأمل معي ما قاله قبل دخوله السجن العام الماضي: "شرف لي وللأمة أن ندخل السجن من أجل الحفاظ وحماية الأقصى والقدس الشريف، أنا أدخل السجن بمشيئة الله، وليس بمشيئة "نتنياهو" ".
الثقة بالنصر هي سمات الشيخ رائد صلاح؛ الذي اعتبر وأكد أن عملية سجنه لن توقف مسيرة الدعم والتأييد التي تبنتها الحركة الإسلامية والفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948 للمسجد الأقصى لحمايته حتى كنس الاحتلال.
كل جريمة الشيخ رائد صلاح؛ أنه أوجد حالة من الوعي؛ بحب المسجد الأقصى جعله ينمو ويقوى مع مرور الزمن، وإدراك وخطورة المخططات بحق القدس المحتلة وأولى القبلتين؛ والتي كان لها دور ملموس وكبير في انتصار القدس الأخير، فالاحتلال لا يريد من الضحية حتى أن تعترض على ذبحها، ويريدها أن تشكره على ذبحها.
يبقى الشيخ صلاح حالة متميزة، ويجب دراسة هذه الظاهرة، وتنمية طريقته في مقاومة الاحتلال، حتى كنسه لمزابل التاريخ، فكل من سجن لدى الاحتلال ولاحقه، فهذا يعني بالضرورة انه أزعج أو اقلق الاحتلال، أو قصر من عمره، وهو ما يعني انه يسير في الطريق الصواب؛ فهل عممنا التجارب الناجحة، واستقينا منها الدروس والعبر!؟