جاء الرد العربي على نتائج الانتخابات الإسرائيلية صارماً وصارخاً، جاء بلسان الشيخ طراد الفائز أحد أبرز قادة العشائر الأردنية، الذي وضع إصبعه على جذر الصراع، وحدد الطريق القويم لتصحيح المسار، وتحرير الأرض الفلسطينية، وحدد منطلقات الاشتباك مع العدو الجغرافية والديموغرافية حين قال: عملية المقاومة وتحرير الأراضي الفلسطينية المغتصبة ستبدأ من مناطق شرق الأردن، ومن قبل القبائل الأردنية.
حديث الشيخ طراد الفايز الدقيق والسوي هو فيض من وجدان كل مشايخ وعشائر وقبائل ومدن وقرى ومخيمات الأردن، وهذا هو المنطق السياسي القويم الذي لا يتجاهله إلا جاحد بقدرات الأمة، ووحدة مصيرها، ولا يقفز عنه إلا كل متخاذل، غير مؤتمن على القضايا العربية، وذلك لأن القضية الفلسطينية قضية كل الأمة، والمسجد الأقصى قبلة كل المسلمين، فجاء حديث الشيخ طراد الفايز متمماً للوعي السياسي، حين حدد شرق الأردن، بحدوده الجغرافية الممتدة مئات الكيلو مترات مع الأراضي الفلسطينية، وشرق الأردن بقبائله وشعوبه وأقوامه العرب الأقحاح، أكانوا فلسطينيين مهجرين من ديارهم، أو كان من القبائل العربية الأصلية المرتبطة بفلسطين روحياً ودينياً وعاطفياً وعشائرياً ومصالح إستراتيجية.
شرق الأردن هو قاعدة الانطلاق لتحرير فلسطين، هذا هو النهج القويم، وهذا هو الرد البليغ على الهجمة الصهيونية على المسجد الأقصى، وعلى مدن الضفة الغربية، وعلى الإنسان العربي بشكل عام، فالأطماع الإسرائيلية تتجاوز حدود فلسطين، وتعبر نهر الأردن في اتجاه السيطرة على مقدرات وخيرات الملايين من العرب والمسلمين، الذين أدركوا بحسهم الوطني، ووعيهم الإسلامي أن الذي يغتصب أرض فلسطين، تتجاوز أطماعه وعدواته البقعة الجغرافية الممتدة من النهر إلى البحر.
حديث الشيخ طراد الفايز نزل برداً وسلاماً على مقاومة جنين، ونزل عنفواناً على أبطال عرين الأسود، وتساقط كالبرد على صيف أبطال المقاومة في غزة، لقد شعر الفلسطيني في حصاره ووسط معاناته أن له أهلًا، وأن من خلفه أقوام لن تتخلى عن واجبها ومعتقدها، وأن لفلسطين رجالاً في كل بقعة من الأرض العربية، وجاهزون للشراكة في الدم والأرض والعرض والحاضر والمستقبل، وهذا ما أدخل الثقة والأمل في قلوب كل الشعب العربي، الذي أيقن أن طراد الفايز، وأمثاله من الرجال الذين آمنوا بحق فلسطين في الحرية، ومحاربة الصهاينة، هؤلاء الرجال هم الممثل الشرعي والوحيد لقضايا الأمة، وهم الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والأردني، وأن باب المنافسة بين القبائل والأحزاب والتجمعات والمدن العربية لا يقاس إلا بمقدار الانتماء للأرض العربية، والاستعداد للوفاء بالواجبات الوطنية.
الشيخ طراد الفايز له تجربة مريرة مع الصهاينة، فقد سبق وأن منعته الوزيرة المتطرفة شاكيد من دخول الأراضي المحتلة، في خطوة تعبر عن حقد الصهاينة على كل وطني شريف، وتؤكد في الوقت نفسه أن العدو لا يغفر ولا ينسى، ولا يتسامح مع العرب المسلمين الوطنيين، أمثال الشيخ طراد الفايز، وأمثال صهيب اشتية وعدي التميمي وإبراهيم النابلسي ووديع الحوح وفاروق سلامة، وكل أولئك الذين عشقوا تراب فلسطين.
حديث الشيخ طراد الفايز زلزال سياسي، له تداعياته الفلسطينية والأردنية والعربية، وكلماته كحد السيف القاطع، الذي تلوح به المقاومة الفلسطينية في وجه العدو الإسرائيلي.