فلسطين أون لاين

"مرسومه يعطيه صلاحيات مطلقة ويُمزق أوراق الدستور"

حوار صرصور: تنصيب عباس نفسه رئيسًا للقضاء تجاوزٌ للخطوط الحمراء

...
القاضي صرصور يؤدي اليمين- أرشيف
رام الله–غزة/ يحيى اليعقوبي:

عدّ رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق برام الله القاضي سامي صرصور، إصدار رئيس السلطة محمود عباس مرسومًا بإنشاء المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية برئاسته، "تجاوزًا للخطوط الحمراء لم يسبق له مثيل في دول العالم، وإمعانًا في التغول على القضاء والاعتداء على صلاحيته، ومخالفًا للدستور الفلسطيني".

وقال صرصور لصحيفة "فلسطين": إنّ "القانون الأساسي يمنع عباس من تشكيل مجلس أعلى للقضاء، لكنه شكّله بقانون باطل، ما يُراكم القرارات الباطلة، وهو يعتقد أنه يستعمل صلاحياته الدستورية بصفته رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير".

اقرأ أيضاً: خاص نقابة المحامين: مجلس القضاء فرض علينا عقوبات "انتقامية"

ولم يستغرب صرصور أن يُعيّن عباس نفسه رئيسًا للمجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية في ضوء المقدمات السابقة في عمل القضاء، والقرارات التي أصدرها بتشكيل محكمة دستورية، وتعيين المجلس السابق للقضاء برئاسة عيسى أبو شرار، وإقالة صرصور نفسه من رئاسة المجلس.

كما عدّ مرسوم عباس قمة التعدي على القضاء والمنظومة القضائية وأشد حدية في التدخل فيه، ويمس بشخصية القاضي والهيئة القضائية، لأنّ قانون السلطة القضائية هو الحاضنة الطبيعية للقاضي، ويُفترض أن يحكمه ويحافظ على هيبته، ويجعله ينتمي لمنظومة قضائية تُحترم، ويضمن عدم المساس بها، وعدم التعدي على صلاحياتها. 

وأكد رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق أنّ الهيئات والمسميات الواردة في المجلس الجديد من مستشار قانوني، ورئيس محكمة دستورية ونائب عام، وغيرها من الأسماء الواردة في القرار لم ترد بقانون السلطة القضائية، وعدّها مخالفات جسيمة للقانون الأساسي.

تقصير القضاة

وعبّر صرصور عن استغرابه من عدم وجود أي موقف حتى الآن من القضاة العاملين، وهذه "مصيبة" أن لا يتحرك القضاة الذين يفترض أن يكونوا قمة القانون والعدل، عادًّا عدم تحركهم تقصيرًا بحقّ أنفسهم والقضاء.

وقال: "لو حصل ما فعله عباس بأيّ دولة، فلن يقابل القرار بالصمت القاتل الجاري حاليًّا"، لافتًا إلى عدم تحرك كبار القضاة من الهيئة العامة للمحكمة العليا بالضفة الغربية، "إذ لم يحركوا ساكنًا إزاء هذه القرارات، بل رضخوا لها".

واستغرب من تناقض قضاة المحكمة العليا، الذين يعدّون القرارات التي يصدرها عباس مخالفة للدستور وفي الوقت نفسه يطبقونها، مشددًا على ضرورة أن يكون لهم موقف واضح إذا كانوا حريصين على القضاء.

وعن تداعيات تعيين عباس نفسه رئيسًا للمجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية حذّر صرصور من أنّ الخطورة تكمن في أنّ المرسوم الجديد يلغي أيّ شيء في القوانين السابقة يتعارض معه.

وأوضح أنّ قانون السلطة القضائية يعطي للقضاة مميزات عديدة، هذه المميزات لو تعارضت مع المرسوم فإنها تصبح لاغية، وينطبق هذا على كل المواد والقوانين الأخرى، لكون المرسوم الجديد يتضمن العديد من المواد القانونية، وعليه يصبح مرسوم عباس الجديد دستورًا خاصًا فيما يتعلق بالقضاء، ويقوم بتقييدها، بالتالي يصبح قانونًا أساسيًّا يحكم تنظيم القضاء.

اقرأ أيضًا: تقرير ضعف السلطة وعدم استقلالية القضاء يفاقمان ظاهرة الفلتان الأمني بالضفة

ولفت إلى أنّ المرسوم الجديد، يعطي عباس صلاحيات مطلقة للتدخل بالقضاء، كتعيين قاضي أو نقله أو الموافقة على إصدار قرارات، واصفًا ذلك بـ"مأساة" بكل معاني الكلمة.

وأردف: "ما يحدث هو تمزيق لأوراق الدستور، بالنسبة لي أعد السلطة القضائية مشطوبة بالضفة، في المحاكم هناك معاناة للمحامين وللجمهور وللقضاة أنفسهم، لا يوجد لدينا قضاء".

وأشار إلى أنّ المادة رقم (43) في القانون الأساسي المعدل خوّلت رئيس السلطة إصدار قرارات بقانون "حسب الضرورة" في حال عدم انعقاد المجلس التشريعي، معتبرًا إياها "مادة سوداء" أُسيء استعمالها في كل القرارات بقانون التي أُصدرت وفقًا لأحكام المادة.

وبشأن أزمة المحامين التي تصاعدت عقب تعديلات طالت عددًا من القوانين المتعلقة بالشأن القضائي، قال إنّ المحامين يعتقدون أنّ الأزمة انتهت، لكنها في الحقيقة قائمة، والمرحلة المقبلة سنرى مدى تدخل مجلس القضاء وأثر قرارات المجلس الحالي في عمل المحامين.