ما العِبر التي يمكن أن تستخلصها السلطة الفلسطينية من نتائج الانتخابات الإسرائيلية رقم (٢٥)؟ الانتخابات قالت، وتقول: إن نتنياهو يعود للحكم، ولرئاسة الوزراء بأغلبية مريحة. وتقول: إن المجتمع الإسرائيلي، ولا سيما فئة الشباب فيه، يميلون إلى التطرف، وإلى كراهية العرب، لذا أعطوا (الصهيونية الدينية) بقيادة ابن غفير وسيمتوريش (١٥) مقعدا، وهما من أتباع كاهانة المتطرف الهالك.
ومن المعلوم أن الصهيونية الدينية تنادي بطرد العرب، وتوسيع الاستيطان، وضم الضفة المحتلة.
ومن المعلوم أن حزب الليكود بقيادة نتنياهو (٣١) مقعدا يلتقي مع الصهيونية الدينية، وشاس، ويهود هتوراة في جلّ المبادئ السياسية التي تنتهي إلى خيار (لا دولة فلسطينية، ولا وقف للاستيطان، ولا عودة لحدود ١٩٦٧م، ولا عودة للاجئين، ولا لتقسيم القدس، والقدس عاصمة إسرائيل الأبدية).
حين تبدأ عودة نتنياهو القريبة لرئاسة الوزراء، تعود حكومته لهذه المبادئ التي يلتقي عندها اليمين، واليمين المتطرف، والمتدينون، وبهذه العودة المشؤومة فلسطينيا، يطرح المهتمون بالشأن الفلسطيني سؤال الدرس والعبرة: ما العبرة التي يجدر بمحمود عباس رئيس السلطة أن يستخلصها؟ وكيف سيتصرف مع الواقع المستجد بقيادة نتنياهو لحكومة أكثر تطرفا من تلك الحكومة التي كانت قبل حكومة التغيير (بينيت ولبيد)؟
نتنياهو أوقف المفاوضات مع عباس، ولم تستأنف حكومة لبيد المفاوضات معه، ومن المنتظر أن يجدد نتنياهو رفضه بشكل أكثر قسوة للمفاوضات، فهل لدى محمود عباس خطة عمل، أو رؤية عمل لمواجهة حكومة استيطان، وتطرف، ورفض للمفاوضات؟
السلطة الفلسطينية في أسوأ حالاتها. السلطة لم تواجه حالة عجز وفشل أسوأ من الحالة التي تعيشها الآن في عام ٢٠٢٢م، وهي حالة مرشحة لمزيد من السوء، بحكم التحولات اليمينية والمتطرفة التي أعادت نتنياهو للحكم، وجعلت رسنه بيد ابن غفير وسيموتريش.
هل تبعث هذه الحالة محمود عباس على مراجعة موقفه، والعودة للشعب، والاستقواء بالمقاومة، وبالموقف العربي والدولي من حكومة متطرفة فيها ابن غفير وأتباع مئير كهانة؟ إذا ركب عباس رأسه ولم يعد للشعب، وظل يعمل منفردا دون بقية الفصائل، يكون قد أضاع آخر فرصة له في التغيير، ووضع الشعب والفصائل في خيار التمرد على السلطة. انتهى عهد التفاوض يا عباس، وبدأ عهد الاستبدال. ويستبدل قومًا غيركم.