ما زالت تفاصيل العدوان العسكري الإسرائيلي ضد المقاومين في البلدة القديمة في نابلس "عرين الاسود" غامضة، حيث لم تعلن (إسرائيل) مقتل أو حتى جرح أي جندي اسرائيلي في حين أشار المقاومون في بيانهم إلى وقوع مجموعة من الجنود في كمين للمقاومة، وتعرضوا لوابل كثيف من الرصاص لفترة ليست بالقليلة إلى حين وصول إمدادات من جيش الاحتلال، والاشتباكات لم تدم أكثر من بضع ساعات حتى قام جيش الاحتلال بالانسحاب العاجل.
اللافت في الأمر هو التدخل الدولي ليلة تنفيذ العملية العسكرية ضد عرين الأسود من أجل تهدئة الأوضاع في نابلس والضفة الغربية، حيث تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية وأربع دول أوروبية، وأجروا اتصالات متعددة منها ما شمل أطرافًا عربية أوصلت رسائل إلى المقاومة في قطاع غزة لم يتم الإفصاح عن فحواها.
التدخلات الدولية نادرًا ما تحدث عندما تقترف (إسرائيل) جرائم ضد الفلسطينيين، وعادة يتم التدخل وبقوة مع كل عدوان تشنه (إسرائيل) على قطاع غزة ثم ترد المقاومة بقوة فيوعز الاحتلال _بعد أيام _لأطراف دولية وعربية للتدخل من أجل إنقاذه هو من الورطة التي وقع فيها، فما الذي حدث في نابلس حتى تتدخل دول أجنبية من أجل التهدئة؟ فالتهدئة ليست مطلبًا دوليًّا ولن تكون إلا فقط من أجل حماية الاحتلال الإسرائيلي وضمان أمنه.
أعتقد أن (إسرائيل) تكبّدت بعض الخسائر في الأرواح عند مهاجمتها المقاومة في نابلس، ولكنها لم تعلنها حتى لا تستمر المعركة لفترة أطول، ولا يعقل أن يقتل جنودها ثم تنسحب وكأن شيئًا لم يكن، وكذلك لا يمكن أن يقع الجنود في كمين ويتعرضون لإطلاق نار كثيف وغير مسبوق في تلك المنطقة دون إصابات أو قتلى.
قديمًا عندما كان يتعرض جيش الاحتلال لمثل تلك المواقف كان ينسف المنطقة بأكملها، ويقتل ويجرح المئات من الفلسطينيين من أجل الانتقام والخروج من مأزقه كما فعل عام 2002 عندما دمر مخيم جنين وارتكب أبشع المجازر، ولكنه لم يفعل ذلك هذه المرة، ولا حتى قبل ذلك عندما حوصر المستوطنون في قبر يوسف أو حتى عند تعرُّض جيش الاحتلال لهجوم شديد في جنين، وأتوقع أن مرد ذلك هو سبب وحيد هو الخشية من تدخل المقاومة في قطاع غزة والدخول في حرب معها، وإلا لماذا التدخل الأجنبي ولماذا تم التواصل مع غزة عبر وسطاء؟، هذه التساؤلات وغيرها قد تظهر إجاباتها في قادم الأيام والأسابيع والتي قد تكون أيامًا وأسابيع صعبة على الاحتلال الإسرائيلي.