تنهض الشعوب، تتحرر ببناء وتراكم الوعي بقضاياها الوطنية، ومدى القدرة على تحقيق الإنجازات الكبرى التي تسهم في تحررهم من سطوة الاحتلال وأدواتها التي تسلب الشعوب مواردها وحقوقها وتهدر دماء أبنائها وتصادر حريتهم.
الوعي المقاوم هو الركيزة الأساسية في بناء وعي جمعي فلسطيني تتبناه المؤسسات والهيئات الشعبية والأهلية والرسمية.
وفي واقعنا الفلسطيني نحن بحاجة إلى تكاتف كبير وواسع بين كل المكونات، لبنائه و تشكيله وترجمته إلى واقع فعلي.
نحن اليوم أمام نموذج ومخرج مهم من صناعة الوعي المقاوم الفلسطيني وهم مجموعات عرين الأسود التي خرجت من صميم الوعي الوطني ممهورة بالتضحيات والدماء تحتضنها، وتضمها حاضنة شعبية كبيرة، ووسط هذه التضحيات خرجت عرين الأسود، وتعبير عن جيل جديد وعنوان لمرحلة مهمة وحساسة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، الذي نشأ جيلها منذ 2000 على وقع مجازر الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه في غزة وفي الضفة الغربية وفي ظل محاولة طمس هوية الوطن، الهوية التي مارسها الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة.
الفلسطيني الجديد هو ابن عرين الأسود وكتيبة جنين ورم الله ومخيم شعفاط الذي قدم لنا نموذجا من التضحية والفداء، مثل المقاوم عدي التميمي الذي لقن الاحتلال درسًا لن ينساه، والأهم أن خلفه الحاضنة الشعبية في القدس وفي الأقصى، وهي حاضنة المقاومة التي تحصنت بالوعي والثقافة وتقدم أبناءها في سبيل دفاعها عن حريتها وحماية هؤلاء الشبان كما الحال في نابلس التي خرجت قبل أيام عن بكرة أبيها لتشييع أبطالها من الشهداء وتحمي جرحاها وتداويهم في تعبير حقيقي عن المكنون الشعبي الهائل الداعم لمشروع المقاومة.
هذا الوعي بحاجة إلى مزيد من العمق و التحصين الوطني والأمني في وجه الاحتلال وإطالة أمد ووجود هذه المجموعات لتبقى خنجرا في خاصرة الاحتلال وتفشل كل مشاريعه في إخضاع الضفة الغربية وتمرير مشاريع التسوية التي تريد أن تخضع هذه المجموعات ومحاولة سلخها عن حاضنتها الشعبية سواء عبر أسلوب العصا والجزرة وعبر استهدافها بالقتل والإرهاب أو عبر تقديم المبادرات التي تتواطأ السلطة فيها للتخلص من هذه المجموعات كما فعلت مع مصعب اشتية القسامي الذي أسسها مع رفاقه.
ستفشل محاولات سلخها عن الحاضنة الشعبية حتمًا في مواجهة حالة الوعي المقاوم والحاضنة الشعبية التي تمثلها اليوم عرين الأسود.