لا تمضي مناسبة سياسية وحزبية في دولة الاحتلال إلا تظهر فيها العنصرية والفاشية تجاه بعض مكوناتها، ولا سيما اليهود الشرقيين والإثيوبيين، بزعم تفوق الغربيين عليهم، وبذلك يمنح الساسة "الأشكنازيم" أنفسهم كل الوسائل غير المشروعة لتحقيق أهدافهم الشخصية، حتى على حساب الآخرين، حتى وعودهم الانتخابية سرعان ما يخالفونها ما دامت لا تخدم مصلحتهم الشخصية.
مع أن السياسيين الإسرائيليين الذين يلتقطون خلال الحملات الانتخابية صورًا مع عائلة مانغيستو الأسير لدى حماس، والعائلات التي تقع ضحية سلوك الشرطة العنيف تجاههم، سرعان ما سينسون أمرهم فور انتهاء الانتخابات، لأنهم يفعلون أي شيء لكسب الأصوات، فهم يقدمون الوعود، لكنهم في النهاية يكذبون عليهم، ما دفع أصواتا من اليهود الإثيوبيين لطلب التعاون لعدم التصويت لمن وصفوهم بـ"الفاسدين" الذين لا يوفون بوعودهم للناخبين.
بالعودة عامين للوراء، تذكر الأرقام الانتخابية أن غالبية اليهود الإثيوبيين منحوا أصواتهم لحزب الليكود بقيادة نتنياهو، لكنه رغم استمراره أكثر من عقد من الزمن في الحكم، لم يفعل ما يكفي للقضاء على العنصرية ضدهم، ولم يوقف عنف الشرطة تجاههم، ما دفعهم لاحقا للتوقف عن هذا التقليد طويل الأمد للتصويت لليكود، وصوّتت غالبيتهم المطلقة لمصلحة حزب أزرق- أبيض بزعامة غانتس، على أمل أن يعزز ما عدوها مصالحة مجتمعية مع بقية اليهود، بما فيها محاربة العنصرية.
لكن اللافت أن "حكومة أزرق- أبيض هي الأخرى، وعند التصويت على ميزانية الدولة، تعهدت الوزيرة ذات الأصول الإثيوبية "بنينا تامنو شيتا" بأنه إذا لم توافق الحكومة على ميزانية هجرة 3000 يهودي من إثيوبيا، فستستقيل من الحكومة، ولن تكون جزءًا منها، لكنّ عاما كاملا مرّ، وحتى الآن لم يأتِ نصفهم من هناك، ولم تفعل الوزيرة ما يكفي لتنفيذ الخطة بالكامل، الأمر الذي أدى إلى انتشار خيبة أملهم من تقاعسها، واحتجاجا على ذلك، فلن يصوت العديد منهم لها.
لم يعد السلوك العنصري الإسرائيلي الرسمي تجاه يهود إثيوبيا قابلا للإخفاء والتعتيم، فقد بات مفضوحا ومكشوفا، ما يجعل من الزيارات الانتخابية الحالية للساسة الإسرائيليين باتجاههم لكسب أصواتهم مجرد "سيرك" لن يمرّ عليهم، كما يقولون بأنفسهم، لأنهم يعلمون أنه في اليوم التالي للانتخابات، ستوضع قضاياهم الحساسة والحرجة في الحضيض بجانب كومة أخرى من القضايا على جدول أعمال الحكومة الجديدة، بانتظار الدورة الانتخابية المقبلة.
اللافت أنه بالتزامن مع الهجرات اليهودية الجديدة من دول روسيا وأوكرانيا، ذوي الأعين الزرقاء، بات اليهود الإثيوبيون على قناعة مصحوبة بخيبة الأمل أن استكمال هجرة المتبقين منهم لم تعد أبدًا من أولويات الحكومة الحالية وكذلك القادمة، والفرضية السائدة في أوساطهم أنهم لن يعطوا أصواتهم لمن يصفونهم بـ"المحتالين الفاسدين" من الساسة الإسرائيليين الذين يعاملونهم بازدراء.