فلسطين أون لاين

تقرير في الوادي الأحمر.. هدمت المنازل دون سابق إنذار

...
الوادي الأحمر
رام الله-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

لم يرَ المواطن موسى مليحات جدوى من الحديث عما جرى معه من هدم الاحتلال الإسرائيلي لبيته في منطقة الوادي الأحمر، فلم يعد يملك شيئًا، وظل ملقى في العراء هو وأبناؤه، متسائلًا عن احتمالية تحرك العالم الصامت إذا ما رأى مشاهد الهدم المؤلمة!

وبالعودة لـ"مليحات" فإن الصدمة لا تزال تسكن نفسه بعد أن فاجأته قوات الاحتلال وداهمت منزله ومنازل جيرانه وأحالتها ركامًا دون سابق إنذار.

حدث ذلك صبيحة الرابع والعشرين من أغسطس/ آب الماضي، عندما اقتحمت آليات ما تسمى "الإدارة المدنية"، مدعومة بقوة من جيش الاحتلال الإسرائيليّ، منطقة الوادي الأحمر شمال بلدة فصايل بالأغوار الوسطى، وطردت العائلات الفلسطينية منها بعد ثلاث ساعات من هدم الخيام.

منح الاحتلال العائلات مهلة ساعة واحدة لأخذ ما يمكن أخذه قبل المغادرة، وهو وقت لا يكفي لشيء، فرجل لديه عدد كبيرة من الماشية في منطقة منعزلة عن تجمعات سكانية قريبة، يكون قد وقع في مشقة فعلًا.

كان "موسى" وجيرانه ينتظرون أن تبت محاكم الاحتلال في اعتراضهم على أوامر الهدم التي تلقوها، ولم يخطر بباله أن هذه القوات يمكن أنْ تباغته بهدم المنزل.

في أثناء حديثنا مع "مليحات" كان لا يزال وعائلته ومواشيه يهيم على وجهه بين الجبال المحيطة في المنطقة يحاول أن يجد مكانًا قريبًا من بيته المهدوم الذي حولت قوات الاحتلال محيطه لـ"ثكنة عسكرية": "أنتظر لعل وعسى يتركون المكان وأستطيع العودة إلى بيتي".

اقرأ أيضا: ​"الوادي الأحمر".. قرية جديدة تتصدى للاستيطان بالقدس

ولم يختلف الحال كثيرًا لدى المواطن عواد مليحات الذي يسكن منطقة الوادي الأحمر منذ خمسة عشر عامًا خلت، يقول: "فوجئنا بإخطارات هدم في مايو الماضي، وبالطبع لجأنا إلى محاكم الاحتلال لوقف تلك القرارات الجائرة ووكلنا محامين لهذا الغرض".

مصادرة الركام

ومع تطمينات المحامين بأن الأمور تسير في المحكمة، اطمأن مليحات وجيرانه وواصلوا العيش في بيوتهم بسلام، ليفاجؤوا بقوات الاحتلال ودون سابق إنذار تحيط بالمكان وتهدم بيوتهم رأسًا على عقب.

ويضيف عواد: "لم يسمحوا لنا بإخراج أي شيء، ألا يكفي أنهم يمنعوننا من البناء؟ فبيوتنا مصنوعة من الخشب والبلاستيك وليست بيوتًا بمعنى الكلمة".

وتفتقر المنطقة التي يسكنها موسى للبنية التحتية الخدماتية من مياه وكهرباء واتصالات، "وعدتنا السلطة مرارًا ولكنهم لم يفعلوا شيئًا".

ويقول موسى: إن سكان البلدة يشترون المياه من مستوطنة "فصائيل" المجاورة التي استمدت اسمها من اسم البلدة بعد عبرنته.

ويضيف أنه لا يرى مسوغًا لاستهداف الاحتلال لمنطقتهم التي لم يصل إليها أي إخطار بالهدم في السنوات السابقة سوى "طمع مستوطني فصائيل. لا يملكون أي مسوغ للهدم لكون أصحاب الأراضي يمتلكون أوراقًا ثبوتية لجؤوا لمباغتتنا بالهدم حتى لا نستطيع مقاضاتهم".

حينما قدمت آليات الهدم، تسمر أصحاب البيوت في أماكنهم وهم يرون قوات معززة لجيش الاحتلال تحيط بالمنطقة وتهدم بيوتهم دون أن تسمح لهم بإخراج لو "إبرة" منها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إنهم ألقوا بركام المنازل في القمامة ليمنعوهم من أخذ أي شيء منها.

وأصبح "موسى" وأسرته المكونة من خمسة أفراد ومواشيه في العراء: "أقمتُ خيمة لأسرتي في منطقة قريبة من منزلي المهدوم وأضع يدي على قلبي خشية أن يلاحقوني ويهدموها هي أيضًا".

إبادة وتهجير

ويصف الناشط في مجال الاستيطان في منطقة الأغوار أيمن غريب ما يجري في منطقة الوادي الأحمر بأنه "إبادة للحياة"، فلم تكتفِ سلطات الاحتلال بهدم المنازل البسيطة بل تخلصت من ألواح الصفيح والخيام وما احتوت عليها من أثاث بسيط ومتهالك هو كل ما يملكونه.

يقول غريب: "من يأتي للمنطقة حاليًا لن يصدق أنه كان فيها سكان طوال السنوات الفائتة، هذا الهدم يأتي تتويجًا لحرمان أبناء المنطقة التي يسكنونها منذ مئات السنين من البناء ما دفعهم لبناء بيوت بسيطة من الخشب والنايلون، ليستروا فيها أنفسهم وأطفالهم".

ويضيف: "هذه المنطقة لم يصل إليها التطور الحضاري بفعل منع الاحتلال لذلك، فلا خدمات أو ماء أو كهرباء، وهم أناس بسطاء يعملون في الرعي".

ويوضح أن الوادي الأحمر تسكنه ثماني عائلات في عدة بيوت متجاورة، "وما حدث معهم من هدم سبقه رؤيتهم للمستوطنين وهم يقومون بأعمال مسح للمنطقة، ويبدو أنهم يريدون مصادرة هذه الأرض".

وبعد أن أزالت قوات الاحتلال الركام وضعت الوادي تحت التصنيف العسكري وأغلقته ومنعت وصول أي مواطن أو حتى سيارة إسعاف أو وسائل الإعلام إليه حتى اللحظة.

ويمضي إلى القول: "ما جرى هو تهجير قسري بكل معنى الكلمة لأصحاب الأرض لصالح المستوطنين الذين يضعون نصب عينيهم السيطرة على الأغوار بالكامل وتفريغها من أهلها"