تمكنت أجهزة أمن الاحتلال بالتعاون مع عملاء محليين من اغتيال القيادي في مجموعة عرين الأسود (تامر الكيلاني) رحمه الله. الاغتيال الذي وقع قبل يومين من تاريخ كتابة هذا المقال، تم بطريقة زرع عبوة متفجرة في دراجة نارية تفجر من بعد.
عند مرور الكيلاني فُجِّرت العبوة. مَن ضغط إشارة التفجير في الوقت المناسب؟! الإعلام العبري لا يتحدث عن هذه النقطة وعن الفاعل؟! والتخمين العقلي يقول: إما هو فاعل موجود على الأرض يقوم بالمراقبة، وإما طائرة استطلاع تقوم بالمراقبة.
والأرجح هو الافتراض الأول، لذا يلزم أمن العرين، وأمن نابلس، البحث عن الفاعل، ويلزم العرين حذر أكبر، بعد دراسة عملية الاغتيال.
أسلوب الاغتيال بعبوة تفجر عن بعد ليس عملًا جديدًا كما تحاول الصحف العبرية تصويره، ففي عام ٢٠٠٦م اغتالت (إسرائيل) أبو العبد القوقا قائد اللجان الشعبية، بعبوة متفجرة موضوعه في سيارة على الطريق التي يمرُّ منها القوقا متجهًا للمسجد للصلاة. هذا الأسلوب ليس جديدًا بين أساليب العدو في عمليات الاغتيال التي يمارسها ضد الفلسطينيين. هذا الأسلوب قديم جديد، ويتركز نجاحه في أمرين: الأول العميل المحلي، والثاني المراقبة الاستخبارية الحثيثة للهدف، وتحديث المعلومات لحظة بلحظة.
خطورة هذا العمل أنه لا يترك بصمات واضحة عن الفاعل، وبإمكان العدو الاختفاء ونشر مزاعم أخرى تخفي نفسه، وهو في الوقت نفسه لا يحدث مواجهة مع الحاضنة الشعبية لعرين الأسود، ومن ثَم يأمن ردات الفعل الشعبية التي تمهد عادة لانتفاضات كبيرة. ثُمّ إن رسائل التهديد تنتقل بسرعة لبقية أعضاء المقاومة، وتقيد حريتهم في الحركة، وهذه مكاسب عالية القيمة عند العدو وحكومته، ولا سيما حين يكون القرار بتأجيل الاجتياح الواسع لفترة مناسبة لاحقًا.
العدو في أسلوب الاغتيال الفردي عن بعد يحقق هدفين: الأول إضعاف العرين، وخفض جاذبية النموذج والمحاكاة بين الشباب. والثاني المحافظة على السلطة من الانهيار المحتمل عند الاجتياح واسع النطاق.
أهداف العدو من عمليات الاغتيال لن تحلب لمستوطنيه الأمن في الضفة والقدس، فقد اغتالت (إسرائيل) أعدادًا كبيرة وقيادات نافذة في غزة وفي الضفة أيضًا، وتجددت القيادات، ولم تنتهِ المقاومة بل تجددت. وهكذا فظاهرة المقاومة ملازمة دائمة لظاهرة الاحتلال والاستعمار، ولا تقف المقاومة إلا بزوال الاحتلال.