في حين تزداد المعارك شراسة في أوكرانيا مع الجيش الروسي، تشهد دولة الاحتلال مزيدا من الانخراط في أتونها، بتصاعد الدعوات الداخلية المطالبة بدعم كييف عسكرياً، ولو بصورة سرية، أمام القلق المتصاعد من إمداد إيران لروسيا بالمسيّرات والقدرات القتالية، عقب طلبها من الاحتلال رسميا توفير أنظمة دفاعية ضد هجمات الصواريخ والطائرات دون طيار الإيرانية، وسط إبداء قلقها للغاية من التعاون العسكري بين موسكو وطهران.
مع العلم أن مضمون الرسالة الأوكرانية شمل طلبا بالحصول على منظومات محددة، أهمها نظام "الشعاع الحديدي، باراك 8، باتريوت، القبة الحديدية، مقلاع داود، والسهم"، وتدريب المشغلين الأوكرانيين، في حين أعلنت دولة الاحتلال أنها ستواصل دعم أوكرانيا وفق "حدودها".
اللافت هو صدور دعوات إسرائيلية سرية لمساعدة أوكرانيا عسكريا سرًا، على اعتبار أن دولة الاحتلال لها تاريخ طويل في تقديم المساعدة العسكرية لدولٍ "بعيدا عن الرادار"، رغم أن ذلك يكشف بما لا يدع مجالا للشك أن ما يحصل في هذه الحرب يمثل لها معضلة فعلية، فإذا دعمت أوكرانيا بالأسلحة المطلوبة، فسيكون من المؤكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيردّ بتقليص، أو على الأقل تعطيل حرية عمل الجيش الإسرائيلي في سوريا ولبنان، وستكون النتيجة زيادة في التهديد الإستراتيجي للجبهة الداخلية الإسرائيلية.
في الوقت ذاته فإن مساعدة دولة الاحتلال لأوكرانيا عسكريا قد يورطها في صراع مع قوة عالمية، ويبقى الخوف على مصير اليهود الروس اعتبارا مهما أيضا، لذلك يمكن ترتيب أولويات الاحتلال على النحو التالي: في المقام الأول حرية عمل الجيش في سوريا، ثم الرغبة بمساعدة أوكرانيا، وهذا قرار ولد من مناقشات متعمقة في المؤسسة العسكرية، وقبله رئيس الوزراء، ومجلس الوزراء، وحتى رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو.
الحقيقة أن هناك شكوكا كبيرة حول ما إذا كان هذا القرار الإسرائيلي الأمثل الذي ينبغي عليها اتخاذه، على اعتبار أنه يجب عليها تبني موقف ليس مجرد معارضة كلامية للعملية الروسية الخاصة بأوكرانيا، في ظل أن لديها مصلحة بمعرفة نقاط القوة والضعف للطائرات دون طيار والصواريخ الإيرانية العاملة حاليا في أجواء أوكرانيا، وهناك تقديرات إسرائيلية بأنه سيتم تحسين أدائها نتيجة للمساعدة العلمية والتقنية الروسية، وستكون أوكرانيا بمنزلة ساحة اختبار ضخمة لإيران.
رغم الدعوات الإسرائيلية المتلاحقة بدعم أوكرانيا عسكرياً، علنياً أو سرياً، لكن الاحتلال يخشى استفزاز الدب الروسي؛ لأنه يبقى خطيرا، رغم أن أسنانه تنزف، ولا يزال بإمكانه إلحاق الضرر به اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، ومع ذلك هناك توجه إسرائيلي لضمان حيازة أوكرانيا أنظمة اعتراض جوية دون التورط في صراع مباشر مع روسيا، خاصة وأن الاحتلال لديه تجارب طويلة في الماضي بنقل الدعم العسكري سرًا، بما فيها أنظمة الأسلحة والتدريب، للدول والمنظمات التي لها مصلحة بتقويتها.