فلسطين أون لاين

تقرير "حرب السايبر".. المقاومة تخترق دماغ دولة الاحتلال في "البنى التحتية"

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

يدلل اعتراف الاحتلال بنجاح حركة المقاومة الإسلامية حماس في تجنيد مجموعة من مهندسي البرمجة من الداخل المحتل ونقل مواد ومعلومات كبيرة لها حول "البنى التحتية" في (إسرائيل)، على حجم الإنجازات التي تحققها المقاومة في الحرب الإلكترونية وبما يعرف بوحدات "السايبر" التي تخترق من خلالها دماغ دولة المحتل، وفق مراقبين ومختصين تقنيين.

وذكرت وسائل إعلام عبرية، أول من أمس، أنّ جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" زعم اعتقال ثلاثة فلسطينيين من سكان الشمال في الداخل المحتل، خلال الفترة الماضية، بعد تقديمهم معلومات حساسة لحركة حماس في تركيا.

ونقل موقع "واللا" العبري أنّ الرقابة العسكرية الإسرائيلية سمحت بنشر تفاصيل اكتشاف "الشاباك" "خلية سيبرانية" قامت بارتكاب ما وُصف بأنها "جرائم أمنية خطيرة" تتعلق بتزويد حركة حماس معلومات حساسة تهدف إلى "إلحاق الضرر بالبنى التحتية، وخاصة في أوقات الحروب التي تشنها (إسرائيل)"، وأنها لم تتوقع وصول حماس لهذا المستوى.

اللافت في الأمر، أنّ كشف الاحتلال هذا يأتي بعد أسبوع من كشف كتائب القسام عن تأسيس الشهيد القائد جمعة الطحلة وحدة "السايبر" الإلكترونية منذ 7 سنوات، وتنفيذها مهمات سرية عديدة استهدفت منشآت عسكرية وحيوية إسرائيلية.

ورقة جديدة

يرى المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي اعتراف الاحتلال بالإنجازات التي حققتها المقاومة خلال السنوات الماضية تطورًا لسلاح "الحرب الإلكترونية".

ولفت الرفاتي في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى أنّ ادعاء الاحتلال إحباط جهود كبيرة للمقاومة موجه للجبهة الداخلية الإسرائيلية بأنه يستطيع حماية أمنه، لكنه اعترف بقوة المقاومة في أمرين، الأول: قدرتها على الوصول والتأثير في الأنظمة الإلكترونية وخاصة الشركات التي تعمل على منظومة السيطرة والتحكم في مختلف المجالات، والثاني: أنّ المقاومة تملك أدوات تستطيع من خلالها اختراق دولة الاحتلال وتجنيد عدد من مهندسيها.

تعطيل المنظومات الإلكترونية له آثار كبيرة في المعارك، وفق الرفاتي، إذ تُحدث شللًا كبيرًا داخل دولة الاحتلال في قطاع الاتصالات والإنذار والتعامل مع الحالات الطارئة، وهذا يعني أنّ المقاومة لو نجحت سيؤدي ذلك إلى إرباك الجبهة الداخلية والمنظومة بشكل كامل.

ويعتقد أنّ المقاومة تدرك حجم تأثير "الحرب الإلكترونية" في ساحة المعركة، فأيّ ضرر في جانب السيطرة والتحكم في دولة الاحتلال يؤثر على جميع المرافق الداخلية المرتبطة ببعضها عبر شبكات إلكترونية وأجهزة تحكم.

ويرى الرفاتي أنّ امتلاك المقاومة أدوات اختراق منظومات الاحتلال وتنفيذ هجمات إلكترونية أشعرَ المجتمع الإسرائيلي بعدم الاستقرار، وهذا يمثل ورقة جديدة تملكها المقاومة، وقد تكون أحد أهم الأسلحة الإستراتيجية المؤثرة على مسار المعركة مع الاحتلال.

لكن المختص في الشأن الإسرائيلي باسم أبو عطايا أشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يعترف فيها الاحتلال أنّ عناصر داخل جيشه قدموا معلومات لحماس، وهذا الأمر يندرج في إطار الصراع الاستخباري القائم بين المقاومة والاحتلال.

ويستغرب أبو عطايا في حديثه لـ"فلسطين" توقيت نشر الاحتلال الاعتراف، الذي تزامن مع فشل جهاز استخباراته "الموساد" في ماليزيا مؤخرًا، وبعد مؤتمر كتائب القسام الأخير الذي كشف فيه عن سلاح "السايبر" وأعلن فيه شن عدة هجمات إلكترونية، معتقدًا أنّ الاحتلال يحاول التخفيف من مصيبة الاختراق بالادعاء أنّ المعلومات وصلت حماس من خلال مهندسين وليس عبر عملية اختراق مخططة.

ويعتقد أنّ المقاومة استطاعت الدخول إلى دماغ الاحتلال، وأصبحت تدير المعارك الأمنية والعسكرية بنفس الطريقة التي كان يتعامل فيها مع المقاومة.

تعطيل الخدمات

وبحسب الخبير التقني المهندس أشرف مشتهى، فإنّ مفهوم "البنى التحتية" لا يقتصر على وجود مبان أو طرق مكتملة، بل يتعدى المفهوم ذلك إلى الحصول على معلومات تتيح الوصول إلى الأنظمة المعلوماتية التي تتحكم بالمنشآت كافة، حينها يمكن تعطيل سير العمليات التي تنظمها، والتي ستؤدي إلى توقف كثير من الخدمات مثل إشارات المرور، وحركة الطيران والسفن في الموانئ المختلفة، وتصريف النفايات، وغيرها الكثير، وبالتالي توقف كثير من مناحي الحياة، والتي ستنعكس سلبًا على مجتمع دولة الاحتلال.

ولفت مشتهى لـ"فلسطين" إلى أنّ المقاومة استهدفت في الهجمات السيبرانية السابقة عددًا كبيرًا من المرافق الإسرائيلية؛ كون الاحتلال يعتمد على التقنيات الحديثة والمتطورة في كل محاور أعماله العسكرية والأمنية والاقتصادية.

وأشار إلى أنّ محطات توليد الطاقة وشركة الكهرباء والحسابات المصرفية والشركات الائتمانية والبنوك تعرضت لهجوم سيبراني خلال السنوات الماضية، وكان الهدف تعطيلها والتأثير على الاحتلال في أيّ مواجهة قادمة، عدا عن أهداف أخرى متمثلة بالحصول على معلومات أمنية تستهدف مواقع ومراكز الجيش وقادته.