بينما تزايدت أعداد الشهداء الفلسطينيين لما يزيد على مئة شهيد منذ بداية العام، وارتقاء المزيد منهم بصورة شبه يومية، صدرت دعوات إسرائيلية تطالب بما أسمته "كبح جماح" جنود الاحتلال عن المسارعة بإطلاق النار على المتظاهرين المدنيين الفلسطينيين، بسبب أن هناك "زيادة جنونية في عدد الشهداء الفلسطينيين"، وقد تبين مع مرور الوقت أن من بين أسباب التصعيد الأمني الجاري في الأراضي الفلسطينية هو السلوك المتراخي للجنود ضد الفلسطينيين.
آخر هذه الدعوات صدرت عن رئيسة حزب ميريتس زهافا غالئون التي طالبت وزير الحرب بيني غانتس بضبط جنود الجيش في تعليمات إطلاق النار على الفلسطينيين، بقولها إن "هناك زيادة جنونية في عدد قتلاهم"، مما يستدعي تخفيف تعليمات إطلاق النار في ظروف معينة، لأن ذلك سيكون له دور في خفض حدة التصعيد الجاري، وفي مقابل ما يقوم به المستوطنون من جرائم ضد الفلسطينيين، فإن الجيش يؤمّن قوافلهم، ويحمي مسيراتهم الاستفزازية.
مع أن من يقترح من الإسرائيليين جلب مزيد من قوات الجيش والشرطة الى الأراضي الفلسطينية، سوف يدخلها في تصعيد لا داعي له، رغم أن الإجراء الأكثر صحّة أن تكون هناك يد أكثر صرامة تجاه المستوطنين، لاسيما إيتمار بن غفير، ومرافقيه من "فتيان التلال"، المستعدون لدفع ثمن المزيد من دماء الفلسطينيين كي يتمكن من التقاط صور لحملته الانتخابية.
لم تتوقف دعوات اليمين الإسرائيلي للشرطة بإطلاق الرصاص الحي على الفلسطينيين، بل إن ابن غفير ذاته، أخرج مسدسه في وجوههم، واتّهم المستوى السياسي بتقييد أيدي الشرطة، بزعم أنه لا يمكن أن يقوم الفلسطينيون برشق الحجارة قرب رجال الشرطة، ولا يردون بإطلاق النار.
غانتس وجنرالاته يزعمون ردًّا على هذه المطالبات بكبح جماح جنودهم، وضبط التعليمات الموجهة إليهم بإطلاق النار على الفلسطينيين، أن "الوضع الأمني حساس، ويتطلب المسؤولية، وأن هناك إجراءات لإطلاق النار يحددها رئيس الأركان والقادة فقط، ودون أي تدخل سياسي، وأنه لا أحد يكبل أيدي الجنود".
يعيد هذا السجال الإسرائيلي حول تعليمات إطلاق النار على الفلسطينيين إلى الأذهان مطالبة شبيهة سابقة للولايات المتحدة على خلفية تصاعد ارتقاء عشرات الشهداء الفلسطينيين، مما يكشف عن خروقات لتعليمات إطلاق النار يزعم قادة الجيش بتطبيقها، وتشمل أيّ من أنواع الأسلحة يُستخدم، ومن أيّ مسافة يُسمح الإطلاق، وعلى أيّ "أهداف" يُسمح بالتصويب.
تؤكد المعطيات القائمة على الأرض أن التعليمات السائدة حاليًّا لدى جنود الاحتلال وضباطه تبيح إطلاق النيران الفتاكة على الفلسطينيين حتى بدون وجود مبررّ، مما يعكس عُمق الاستهانة بحياتهم، ويشكّل لبنة أساسية في بُنية تمكّنه من مواصلة سيطرة الاحتلال العنيفة على ملايين الفلسطينيين.