تعوّد الثعلب أن يقف تحت الشجرة، ويطالب اليمامة أن تلقي له بفراخها، ويهددها بتسلق الشجرة، وأكلها مع فراخها، إن لم تفعل ما يأمرها به، ومن شدة الخوف، كانت اليمامة تلقي بفراخها للثعلب، فيأكلها أمام عينيها، حتى إذا اكتمل الشهر، ونضجت الفراخ الجديدة، يأتي الثعلب إلى الشجرة ذاتها، ويأكل فراخ اليمامة ذاتها.
للقصة بقية، يعرفها كل من حصل على الشهادة الابتدائية، ولكن لا يعرفها قادة السلطة الفلسطينية في رام الله، وهم يرتعبون من التهديد الإسرائيلي باقتحام المدن الفلسطينية، فتهب عناصر أجهزة أمن السلطة مسرعة لتلبية الأوامر الإسرائيلية، وتبدأ باعتقال كل من استفردت به، وتحاول إغراء الآخرين بالانضمام إلى الأجهزة الأمنية، وإغواء بعضهم بتلقي الرواتب والرتب، شرط أن يبيعوا البندقية.
وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، يعرف التكوين النفسي والأيديولوجي للسلطة الفلسطينية، ويعرف قدراتها، ويعرف أن الدم على الدم جسور، ويعرف أن ما تقدر عليه السلطة الفلسطينية من قمع للانتفاضة، ومن اعتقال لأبطال المقاومة، لا يقدر عليه جيش الاحتلال الإسرائيلي وكل أجهزته الأمنية، ويعرف غانتس أن للسلطة الفلسطينية منطقها الإعلامي، الذي يقوم على الترويج "للمشروع الوطني، والمصلحة العليا للشعب الفلسطيني"، وهذا المنطق لا يقدر عليه جيش الاحتلال الإسرائيلي، لذلك طالب وزير الحرب غانتس قيادة السلطة بالقيام بدورها، واعتقال المقاومين، وما دون ذلك، قال غانتس: إن صبر جيش الاحتلال قد نفد، وأنه جاهز لاتخاذ قرارات صعبة بحق المدن الفلسطينية.
لا يختلف جيش الاحتلال الإسرائيلي في تهديده باقتحام المدن الفلسطينية عن الثعلب الذي هدد اليمامة بتسلق الشجرة، ولا تختلف قيادة السلطة الفلسطينية عن اليمامة التي ارتعبت من التهديد، فألقت بفراخها، ومستقبل بقائها على هذه الأرض للعدو الإسرائيلي، خوفاً على نفسها من أنياب الثعلب، ولو فكرت اليمامة قليلاً، ولو أخذت بنصيحة ذوي الخبرة والتجربة، لعرفت أن بقاءها ووجودها مرهون ببقاء رجال المقاومة، وأن قوتها من قوتهم، وأن مستقبل الشعب الفلسطيني مرتبط بهذه النخبة التي حملت هموم الوطن، وعقدت العزم على تحريره من العدو الإسرائيلي، ومن ذوي النفوس الضعيفة، الذين خارت قدراتهم وقواهم أمام أوهام الغاصبين وتهديداتهم.
ملحوظة: بعد معركة سيف القدس 2021، تفاجأت وزارة الاستيعاب الإسرائيلية باستطلاع الرأي الذي يقول: إن ثلث الإسرائيليين يرغبون بالرحيل عن أرض فلسطين، وتفاجأت الوزارة بعدد 720 ألف إسرائيلي، هربوا من البلاد، وأقاموا في الخارج بصورة نهائية.
هذا العدد مرشح للزيادة في المرحلة القادمة، وقد خرج على الإسرائيليين أبطال عرين الأسود، وكتائب جنين، وبطل شعفاط عدي التميمي.