فلسطين أون لاين

دعت أبناء الأمة العربية والإسلامية لاقتفاء أثره

تقرير زوجة "الطحلة": المقاومة قدمت للأمة سيرة قائد ملهم كانت فلسطين همّه الوحيد

...
الشهيد القائد جمعة الطحلة - أرشيف
عمان-غزة/ يحيى اليعقوبي:

بينما كان الجميع يشاهد لأول مرة ما عرضته كتائب القسام؛ الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس عن القائد جمعة الطحلة، الذي ارتقى في 12 مايو/ أيار 2021، في حفل تكريم له، بعد سنوات قضاها في الجهاد والتصنيع والإعداد، كانت تلك المشاهد تحرك في زوجته حكاية جهاد امتدت عبر ثلاثين عامًا، رافقته فيها متنقلةً بين دول باكستان وأفغانستان وسوريا وفلسطين.

وكشفت كتائب القسام عن "وحدة السايبر السرية" التي عملت في الخفاء ثمانية أعوام وساهم الشهيد القائد الطحلة في تأسيسها، وكان مسؤولًا عن تطوير ملف الطائرات المسيرة، والصواريخ، وعرضت سيرته ومشواره الجهادي في فيلم وثائقي بعنوان "مداد الوفاء" خلال الحفل أول من أمس.

تقول زوجته مريم الطحلة المقيمة في عمَّان في مقابلة خاصة بصحيفة "فلسطين": "إنّ ما عرضته المقاومة أحيا فيَّ روح الجهاد وحب فلسطين كما زرعها زوجي الشهيد أبو مجاهد"، لافتة إلى أنها تابعت حفل تأبينه بحرص وشوق للجهاد ولأرض غزة التي زارتها وعاشت فيها أجواء العدوانات الإسرائيلية المتكررة.

وأضافت: "عندما رأيت المشاهد التي بثّها الفيلم الوثائقي استوقفتني صفارات الإنذار وانبطاح المستوطنين أرضًا، والتي ادّعى الاحتلال حينها أنها كانت إنذارًا كاذبًا، لكن في الحقيقة لم تكن خطأ، بل تَبيَّن كما شاهد الجميع وجود بصمة هجمات وحدة السايبر التي ترأسَّها أبو مجاهد".

صادق ومثابر

وأردفت: "كنت أستذكر لحظة دخولي غزة عبر الأنفاق بعد رحلة سفر طويلة، وكان يُردّد على مسامعي توعده للمستوطنين لأجل خوفي وخوف كل أبناء شعبنا من جرائم الاحتلال والمستوطنين بالضفة الغربية وغزة والقدس، وعندما رأيت المستوطنين في حالة الخوف تَبادَر إلى ذهني توعُّده لهم، وصدقه لو قال لي: سأحرّك الجبل، لأنه كان صادقًا مثابرًا ولديه طموح ليس له حدود".

ووصفت الطحلة السنوات التي قضتها في غزة بأنها من أجمل أيام حياتها، وأنها بمثابة "العيش في الجنة" رغم زيارتها الكثير من البلدان حول العالم.

لكنها أعربت عن حزنها لعدم تمكنها من زيارة غزة مرة أخرى لحظة استشهاد زوجها لإلقاء نظرة الوداع عليه، ولحضور مهرجانات التكريم والتأبين، "فقلوبنا تتقطع حينما نتابع تشييعه وتكريمه كأيّ مواطن فلسطيني في الشتات، هذا الحرمان صعب، كنت أتمنى أن أكون موجودة"، مشيرةً إلى ظروفٍ أمنية تمنعها من القدوم إلى غزة.

ورغم أنها كانت مُطّلعة على حياة زوجها وجهاده ومسيرته لكونها كانت رفيقة دربه طوال ثلاثة عقود، إلا أنّ ما عرضته المقاومة أظهر حجم ومكانة زوجها العظيمة وتأثيره في الصراع مع الاحتلال، مؤكدةً أنّ فلسطين كانت همه الوحيد.

وتستذكر "كنت أستغرب متابعته كل الأحداث الفلسطينية وبأدقّ التفاصيل خاصة في أوقات السفر والانتقال من دولة إلى أخرى، فقد كان مُلمًّا بكل ما يحدث في فلسطين، ضحَّى بكل ما يملك من مال"، حتى أنها كانت تعجز أحيانًا إزاء هذه التضحية أمام مسؤولية تربية الأولاد والأحفاد.

وذكرت أنّ القائد الطحلة تعالى على مشاعره كأبٍ وزوجٍ لأجل فلسطين، وعاش مجاهدًا وحيدًا بعيدًا عن أبنائه المقيمين في الأردن، في حين جاء إلى غزة منذ عام 2011 حتى استُشهد عام 2021، رغم حبه وانتمائه الكبير لعائلته، و"أحيانًا كان يتعذب في إثر هذا البعد، لكنه صبر واحتسب أجره لله في سبيل تطوير عمل المقاومة".

قائد ملهم

وعن مساهمته في تطوير ملفات إستراتيجية للمقاومة كالصواريخ والمُسيَّرات ووحدات "السايبر"، قالت زوجته: "كان لديه إصرار عجيب في الوصول وتحقيق أيّ شيء يريده، وشعرت بالفخر والاعتزاز أنني زوجة هذا القائد الكبير حينما كشفت المقاومة عن دوره".

ودعت الطحلة أبناء الأمة إلى السير على خطى القائد الشهيد في دعم القضية الفلسطينية، قضية الأمة المركزية التي يجب أن تُسخّر لها كل الطاقات والعقول في مواجهة الاحتلال وتحريرها، عادّة إياه أنموذجًا ملهمًا للأمة، إذ خرج للجهاد بنفسه وماله، ولم يرجع بشيء.

وعبّرت عن تقديرها لوفاء المقاومة لزوجها وتضحياته ودوره البارز وبصمته الجهادية، متمنية تحقيق النصر القريب على أيدي المقاومين وسيرهم على نهجه والثأر لدمائه وشهداء فلسطين.