قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام موقعين في غزة بطائراته، فأحدث دمارًا وإصابات، واللافت أننا لم نجد استنكارًا فلسطينيًّا ولا عربيًّا ولا دوليًّا لتلك الجريمة، مع أنها قد تهدد باندلاع حرب جديدة في المنطقة.
ولذلك إننا نذكر من يتحركون في محاولة منهم لوقف كل حرب تندلع بين العدو الإسرائيلي وغزة أن التحرك الآن أفضل من التحرك المتأخر، وأن إلقاء اللائمة على المقاومة في قطاع غزة لن يكون مقبولًا من أي طرف ممن ذكرناهم، إن لم يتحركوا منعًا لتدهور الأوضاع، ليس فقط رفضًا لقصف غزة بل أيضًا رفضًا لحصارها وتشديد الضغط عليها، لأن أيًّا من تلك الأسباب كفيل باندلاع الحرب، لا قدر الله، فالمطلوب التحرك عندما يستغيث أهل غزة المجتمع الدولي والعرب، وليس عندما يعلو صراخ المحتل الإسرائيلي وصواريخ المقاومة تفعل فعلها في كيانهم الغاصب.
منذ عام 2007م عام الانقسام المشؤوم بعض الأطراف الرافضة للمصالحة تحبط كل خطوة بالاتجاه الصحيح، متذرعة بالدماء التي سالت والمئات الذين قتلوا والنفوس الغاضبة، ضحايا الانقسام من الطرفين ليسوا كما صورهم بعض قرابة الألف من طرف واحد، بل مجموعهم من الطرفين هو أقل من 400، وهذا ليس بالعدد القليل؛ فحرمة دم امرئ مسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة، ولكن ما حصل قد حصل، ونسأل الله الرحمة لهم جميعًا ولذويهم الصبر والسلوان، ولابد من العض على الجراح، ومحاولة تجاوز ما حدث، حتى لا يتسبب في المزيد من الخسران والألم، ولا يكون ذلك إلا بالمصالحة المجتمعية الشاملة وإصلاح ذات البين، واحتساب أجر الصبر وثواب العفو عند الله (عز وجل)، وهنا لا يجوز ربط المصالحة المجتمعية المتعلقة بدماء سالت ونفوس ثارت بالمصالحة السياسية ككل؛ فالأصل أن تهدأ النفوس أولًا من أجل الانطلاق إلى ما هو أقل قدرًا وشأنًا، وهو توافق السياسيين، علمًا بأنهم سبق أن اتفقوا في القاهرة والدوحة والشاطئ، وكل تلك الاتفاقات أساسها المصالحة المجتمعية، التي لابد من تحقيقها بالسرعة الممكنة، وتحقيقها لن يكون انتصارًا لطرف ضد طرف، بل هو إنجاز للشعب الفلسطيني، وتحديدًا في قطاع غزة الذي اكتوى وحده بنار الانقسام.