يتعمق جراح نجاة الأغا (72 عاما) يومًا بعد الآخر ويزداد كلما مر عام جديد على اعتقال ابنها ضياء القابع خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي، داعية الله ألا ينقضي أجلها قبل أن تضمه إلى صدرها خارج أسوار السجون.
وبدأ الأسير ضياء الأغا (47 عامًا)، وهو من سكان مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، عامه الـ31 في الأسر، بعدما نكث الاحتلال وعده بإطلاق سراحه في الدفعة الرابعة والأخيرة من أسرى ما قبل اتفاق "أوسلو".
واعتقلت قوات الاحتلال "الأغا" في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 1992، لتنفيذه عملية بطولية في مجمع مستوطنات "غوش قطيف" التي كانت مقامة على أراضي مدينة خان يونس، وقتل فيها مسؤول أمن المستوطنة الضابط إيماتس حاييم، أحد مخططي ومنفذي جريمة اغتيال الشهداء الثلاثة كمال عدوان، وكمال ناصر، وأبو يوسف النجار، والمشاركين في اغتيال الشهيد خليل الوزير في تونس. وحكم الاحتلال عليه بالسجن مدى الحياة.
إخفاء وتعذيب
وعادت والدته بذاكرتها إلى الوراء مستذكرة يوم اعتقاله، قائلة: "كان ضياء وقتها يبلغ من العمر 16 عامًا، حينما نفذ عملية "غوش قطيف"، فقبل ساعات الظهر حضر للمنزل وجلس معي نحو ربع ساعة قبل أن يغادره متوجهًا لمنزل شقيقتي التي تقيم في بلوك (ج) بمعسكر خان يونس".
وتضيف لصحيفة "فلسطين": "بعد ظهر ذلك اليوم تم محاصرة منزلنا من كل الاتجاهات وتفتيشه بدقة قبل أن يتم نقلنا إلى منزل شقيقتي لنشاهد لحظة اعتقال ضياء وهم يقيدون يديه ويضعونها خلف ظهره ويلبسونه قناعًا أسود".
وتكمل: "كنا ننظر إليه بحرقة، والأسلحة مشهرة نحونا، وسط صرخات الجنود الذين كانوا يضربونه"، مشيرة إلى عائلتها لم تتوانَ في البحث عنه والسؤال عنه لتعرف في أي السجون معتقلًا.
وسرعان ما انهارت الأغا عندما شاهدته للمرة الأولى بعد تسعة أشهر من الاعتقال وإخفائه في السجون، حيث وجدت علامات الضرب والتعذيب ظاهرة على وجهه، لتتوقف عن الكلام ثواني معدودة، وتكمل بحزن: "ما زلت أتذكر هذا المشهد الذي يصيبني بالحزن الشديد لما سببه له السجانون".
الدفعة الرابعة
وتعرضت العائلة للعديد من الظروف القاسية في إثر انتهاكات الاحتلال الذي كان بين الفينة والأخرى يقتحم ويفتش منزلها، في محاولة منه لهدمه، والقول للأغا، مشيرة إلى أن عائلتها قدمت العديد من الاعتراضات لمنع الهدم.
ولفتت إلى أن نجلها تنقل في مختلف سجون الاحتلال وصولًا لسجن "نفحة" الذي يقبع فيه حاليا، وينتظر لحظة الإفراج عنه، وإنهاء معاناته برفقة زملائه الأسرى.
وذكرت أن تراجع الاحتلال عن تنفيذ "الدفعة الرابعة" لقدامى الأسرى، التي كانت مقررة في 29 مارس/ آذار 2014، أصابته بالإحباط بعدما جهزوا البيت لاستقباله، لكنها باتت متأكدة بأن حريته ستكون بموجب توقيع صفقة تجريها المقاومة مع الاحتلال.
وبتنهيدة عميقة، تأمل المسنة الأغا الإفراج عن نجلها "ضياء" أسوة بشقيقه "محمد" الذي أفرج عنه في 5 مايو/ أيار 2015، بعد قضائه 13 عامًا في سجون الاحتلال، قبل أن تفارق الحياة.