فلسطين أون لاين

بطل شعفاط على درب مصعب اشتية

تجرأ الفلسطينيون على الجيش الإسرائيلي، حتى خرج عليهم البطل عدي التميمي بمسدسه، فأطلق سبع رصاصات فقط، أصاب ثلاثة جنود في مقتل، وأردى المجندة الرابعة قتيلة، ولولا تحشرج المسدس، كما يقول الإسرائيليون، لواصل القتل والتصفية، بعمل بطولي شل قدرة الجيش، وعقد ألسنة قادته عن التعليق، عمل بطولي استثنائي لم يرعب الصهاينة فقط، بل أجبرهم على إعادة حساباتهم السياسية والميدانية، إذ كيف وصلت الشجاعة والجرأة بالفلسطيني ليخرج على الجنود بهذه القوة والثقة والاتزان، فيطلق النار بلا اهتزاز، وينسحب بكل اطمئنان، ويختفي عن الأنظار، وسط ارتباك وارتعاب الجنود.

وإذا كان عدي التميمي سباقاً في الشجاعة والجرأة، فقد سبقت جنين ونابلس مخيم شعفاط في المواجهة الجماهيرية، فأمسى العدو الإسرائيلي يفكر ألف مرة قبل أي عملية اقتحام للضفة الغربية، فالشباب الفلسطيني كله صار بطلاً، وصار مدرسة ثورية، وصار قائداً ميدانياً، حتى بدأ الجيش الإسرائيلي يستعين بالطائرات المسيرة، تفادياً من الالتحام مع آلاف الشباب الذين اكتشفوا قدراتهم، وعرفوا مصدر قوتهم، وضعف عدوهم.

هذا هو الواقع الفلسطيني الجديد الذي فرض نفسه نداً في الميدان، وأجبر الصهاينة على إعادة التفكير في مستقبلهم برمته، وقد خرجت عليهم الضفة الغربية بالمفاجآت والمعجزات، التي أجبرت مراقب "دولة إسرائيل" على أن يقدم تقريراً سريعاً يقول فيه: الجيش الإسرائيلي، بوضعه اللوجستي الحالي، غير مستعد للقتال في الضفة الغربية، ويضيف: وبعد سنوات من التحذيرات يمكن القول: إن عدم الاستعداد للقتال بات واضحاً، حيث لا دافعية للقتال لدى الجنود.

أما الجنرال إسحاق بريك، فيقول: تصل إليّ تقارير من كبار القادة في الجيش، ومن صغار الجنود، يتحدثون فيها عن الوضع السيئ للجيش من الناحية اللوجستية، ومن ناحية ظروف الخدمة العسكرية، إضافة إلى الوضع السيئ لسلاح الاحتياط.

هذه التقارير الأمنية والعسكرية تعكس الحالة الميدانية، حيث يتقدم الفلسطيني في كل يوم من المواجهات خطوة، ويتراجع العدو الإسرائيلي خطوات، حتى بات الوضع الميداني ينعكس على التفكير السياسي، فإذا بوزير الخارجية السابق يوسي بيلن يطالب في صحيفة "إسرائيل اليوم" بإجراء انتخابات فلسطينية، تشمل شرقي القدس ، كأنسب طريقة للسيطرة على الأوضاع المتفجرة في الضفة الغربية، التي خرجت عن السيطرة، ويستذكر كيف فشلت عملية السور الواقي في منع هجمات الفلسطينيين، وكيف استطاع محمود عباس بعد فوزه في الانتخابات السيطرة على الأوضاع في الضفة الغربية، ودفن الانتفاضة تحت رمال الانتخابات.

هذا المستجد في التفكير الإسرائيلي يغدو قرارات سياسية بعد حين، والفضل في ذلك يرجع إلى ثورة شباب الضفة الغربية، وسلسلة المواجهات التي أذهلت جيش العدو، وشلت حركة المستوطنين، فباتوا في موضع الاتهام من الجيش، الذي أصدر تعليماته للمستوطنين بعدم الاقتراب من قبر يوسف شرق نابلس، بعد أن كان مزاراً للمتطرفين.

الضفة الغربية في تأسيس قواعد المقاومة وسط المدن والمخيمات تحاكي تجربة غزة قبل عشرين سنة، حين بدأت تصنيع العبوات الناسفة المحلية، وبدأ التدرب على الالتحام بالجيش الإسرائيلي وقت الاقتحام، لقد تطورت فنون المقاومة بعد ذلك، حتى هزمت الجيش الإسرائيلي، وأجبرته على الانسحاب سنة 2005، وهذا ما سيحدث على أرض الضفة الغربية.

ملحوظة: 

تحيرنا من نبجل أكثر من رجال الضفة الغربية، هل نبجل عدي التميمي، أو سلمان عمران، أو أبو رعد حازم، أو إبراهيم النابلسي، أو مصعب اشتية؟ كلكم نبع بطولة، وحقول كرامة ورجاء، وكلكم غابات شموخ وكبرياء.

وتحيرنا من نقدر أكثر من نساء الضفة الغربية، أم إبراهيم النابلسي، أو أم أحمد نصر جرار، أو أم مهند الحلبي، أو أم عاصف البرغوثي؟ كلكن أرض خير ومحبة، وبساتين عطاء، وحدائق غنّاء ثمارها الوفاء.