تشعر الشابة الفلسطينية مريم كنساس (27 عاما) بالسعادة في عملها بفندق "معا" في مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية.
مريم تعاني "متلازمة داون"، لكنها تغلبت على إعاقتها إلى جانب عدد آخر من نظرائها، وباتت تعمل في فندق يقصده سياح أجانب.
ويتبع الفندق مركز "معا للحياة"، وهو مدعوم من جهات أجنبية، ويضم المركز 40 شابا وفتاة من ذوي الإعاقة، ويأخذ على عاتقه إعادة تأهيلهم ودمجهم في الحياة.
وقالت مريم لوكالة الأناضول إنها سعيدة بعملها وتشعر بأن الجميع يعاملها بلطف.
وأضافت أنها تلقت دعما من عائلتها والمشرفين على الفندق وتبدي استعدادا لمواصلة العمل.
وتابعت: "العمل أعطاني حياة جديدة".
وأوضحت أنها تعمل في أعمال التنظيف وترتيب طاولات السفرة وتقدم الطعام للزبائن.
ومنذ سن الـ16 عاما التحقت مريم بمركز "معا للحياة"، وتدربت على حياكة الصوف وأعمال أخرى.
افتخار بالعمل
وإلى جوار مريم، يعمل آخرون أحدهم من ذوي الإعاقة، ويدعى بلال جناجرة من بلدة تقوع القريبة من بيت لحم.
وقال بلال للأناضول: "منذ عام ونصف التحقت بمركز معا للحياة، وأنا سعيد وافتخر بالعمل".
وبلغة صعبة إلى حد كبير، أردف: "أُرتب الغرف والقاعة الرئيسية، العمل هنا مليح (جيد)".
وجرى افتتاح هذا الفندق قبل عدة أشهر ويقع بالقرب من كنيسة المهد وسط بيت لحم.
وبيت لحم مدينة تاريخية تكتسب قدسيتها من احتوائها على كنيسة المهد، التي يعتقد المسيحيون أن المسيح عيسى عليه السلام ولد في الموقع الذي أُقيمت عليه.
عبق التاريخ
والفندق هو بيت قديم يعود إلى نحو 100 عام، أعاد تأهيله مركز حفظ التراث الفلسطيني (غير حكومي)، بكلفة قدرها 200 ألف دولار، بتمويل أجنبي.
ويستمتع المقيم في الفندق بإطلالة جميلة على بيت لحم، ويعيش أجواء مليئة بالتراث، حيث أبقت إدارة الفندق على الحجارة القديمة والبلاط والزخارف العربية القديمة.
وقالت مديرة الفندق رانية هواش إن الفكرة نبعت من الرغبة في تحقيق مصدر دخل جديد للمركز الذي عانى من صعوبات مالية في العامين الماضيين جراء جائحة كورونا، وهو أيضا محاولة لدمج ذوي الإعاقة في الحياة.
وأوضحت، للأناضول، أنه "تم تدريب ذوي الإعاقة على الأعمال الفندقية والتعامل مع الزبائن، وخاصة أن غالبيتهم أجانب".
ويشرف طاقم من المركز على عمل ذوي الإعاقة في الفندق.
وتابعت رانية: "لدينا عدد من ذوي الإعاقة الذين يمكنهم جسديا وعقليا العمل في القطاع السياحي، من تنظيف وترتيب وتقديم الطعام وحتى إعداد الوجبات للنزلاء".
وأردفت: "نهدف لدمج ذوي الإعاقة في المجتمع، وإبراز دورهم".
ويمكن للفندق استقبال 24 نزيلا في الليلة، حيث يضم 12 غرفة، إلى جانب قاعة مخصصة للطعام والاستقبال ومرافق أخرى.
وأفادت رانية بأن "العمل يجري على تدريب عدد آخر من ذوي الإعاقة للعمل إلى جانب زملائهم".
ولفتت إلى أنه يتم الترتيب لزيارة للعاملين في الفندق إلى إيطاليا للاطلاع على تجربة البلد الأوروبي في هذا المجال.
وأوضحت أن المركز يتواصل مع منظمة "ألبرغو إتيكو" الإيطالية التي تشرف على فنادق مماثلة (تشغل ذوي إعاقة).
وختمت بأن إدارة الفندق لمست تعاطفا شعبيا مع فكرة تشغيل ذوي الإعاقة، وأن "نزلاء أجانب يأتون للمبيت في فندقنا لتقديم الدعم وبهدف إنساني".