الضفة الغربية على صفيح ساخن. الانتفاضة الثالثة يبدو أنها تتوسع بقوة في مدن الضفة الغربية. جنين ونابلس تقودان الانتفاضة الثالثة، أمس الأربعاء اقتحمت قوات من الجيش وأجهزة الأمن تحت غطاء من المسيرات مدينة جنين ومخيمها وقتلت أربعة مواطنين، وجرحت عشرات، واعتقلت آخرين. لقد دافعت جنين ببسالة عن نفسها وأوقعت إصابات في صفوفهم، ولكن موازين القوة مختلة، وتعمل لصالح الاحتلال.
الفلسطيني في الضفة يدرك حجم الخلل في ميزان القوة، ولكنه لا خيار له غير الدفاع عن شعبه وأرضه. ولأن الشعب واحد، والوطن واحد، والعدو واحد، انتفضت مدن وقرى الضفة في مظاهرات ترجم الجيش والمستوطنين بالحجارة دفاعًا عن جنين، وانتقامًا للشهداء والجرحى.
وكما انتفضت نابلس لجنين، انتفضت غزة وفصائلها لجنين والقدس والضفة، وذكرت بيانات الفصائل أنه لا يمكن ترك العدو يستفرد بجنين أو بغيرها، وهذا يعنى أن الفصائل تستنفر عناصرها لتطورات محتملة، ومن ثم نقول الضفة وغزة أيضًا على صفيح ساخن.
المجتمع الدولي لم يتدخل لحماية سكان جنين ونابلس، ولم يتدخل لمنع اقتحامات الأقصى، والسلطة الفلسطينية عاجزة، وقادة الاحتلال يهددون بمزيد من عمليات الاقتحام اليومي لمدن الضفة، ويهددون باغتيالات من الجو، والشعب الفلسطيني يصر على حقه في المقاومة، ويطالب بالحرية وتقرير المصير، وقد اعتدنا منذ سنوات أن الأعياد اليهودية تكون مسرحًا لسفك الدماء الفلسطينية، ومناسبة للتصعيد الصهيوني، وفي هذا العام يشتد التصعيد لا بسبب الأعياد فحسب، بل بسبب التنافس الانتخابي الذي يجري بعد شهر من الآن.
الدم الفلسطيني صار ثمنًا للفوز في الانتخابات، وثمنًا لعجز السلطة، وثمنًا للتنسيق الأمني، وثمنًا لتخاذل المجتمع الدولي عن إلزام (إسرائيل) إنهاء الاحتلال. الفلسطيني يبحث عن حلٍّ، والإسرائيلي يرى الحل بمزيد من القوة والقتل، وهذا يفرض على الفلسطيني مزيدًا من المقاومة، ويفرض عليه توسيع انتفاضته الثالثة، فقد بلغ السيل الزبى، ولم يعد في القوس منزع.