حملت "إسرائيل" حركة حماس في قطاع غزة المسؤولية عن استمرار وتصاعد أعمال المقاومة في الضفة الغربية، كما هددتها بأن إعادة الإعمار لن يستمر بالتوازي مع أعمال المقاومة في الضفة الغربية، من جانبها أكدت حماس أنها لا تخشى تهديدات الاحتلال على الإطلاق، وأن المقاومة في الضفة الغربية من دون قيادة، أي إنها مقاومة شعبية تلقائية ويغلب عليها الطابع الفردي.
تهديدات الاحتلال بوقف إعادة الإعمار في غزة لا تعني بالمطلق أن العملية تسير على قدم وساق، ولكنها تسير ببطء شديد وليس كما هو مطلوب، كما أن إعادة الإعمار ليست منة من الكيان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ولا بمزاجه ولا من أمواله، وإنما هي تفاهمات ما بعد هزيمة الاحتلال في حروب متتالية أمام المقاومة في غزة، وما دور الاحتلال إلا تعطيل عملية الإعمار وتشديد الحصار.
التهديد بتجميد عملية الإعمار يختلف عن التهديد بعملية عسكرية على قطاع غزة، أي إن "إسرائيل" خفضت من مستوى عنجهيتها وغرورها، لأنها تسعى إلى تأجيل الاشتباك مع غزة بالقدر الممكن؛ ما يثبت حالة الضعف التي وصل إليها المحتل.
شهدت الأيام الأولى من احتفال الأعياد اليهودية مواجهات متعددة مع أهل القدس والمرابطين في الأقصى، كما تعرضت المدينة المقدسة إلى حصار مشدد وتضييق على المصلين والمرابطين وعلى المقدسيين بشكل عام، ومع ذلك لم تمنع تلك الإجراءات المسلمين من أداء الصلاة والرباط في المسجد الأقصى.
المحتل الإسرائيلي يُحمّل حماس مسؤولية التصعيد ويغض الطرف عن الأسباب الحقيقية له، وإن كان الاحتلال ذاته هو السبب الرئيس للمقاومة، فإن الجرائم التي يرتكبها المستوطنون يوميا سواء في القدس أو في باقي مناطق الضفة الغربية بحماية جيش الاحتلال هي أكبر تحريض لإثارة الشارع الفلسطيني ودفع الشباب لتنفيذ عمليات ضد المستوطنين في القدس وفي مستوطناتهم وفي أي مكان يقدرون على الوصول إليه، وهذه الحقيقة التي يراها الجميع إلا قادة الكيان الإسرائيلي، فإلقاء اللائمة على حماس أو غيرها من الفصائل لن يحمي الاحتلال من المقاومين الفلسطينيين، لن يوقف تصاعد الغضب والثورة ضده، ولن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
هناك مسألتان هامتان لا بد من تأكيدهما، الأولى: أن ما يقوم به المستوطنون من تدنيس للأقصى ونفخ في الأبواق وما إلى ذلك من أعمال مستفزة وغبية في آن واحد لن تغير حقيقة أن فلسطين وعلى رأسها المدينة المقدسة والأقصى هي خالصة للفلسطينيين والمسلمين وليس لليهود أي حق ولا مكان عبادة، وبذلك لن تمنع الفلسطينيين من العمل على استرداد كل شبر من فلسطين، كما أن تلك الممارسات الاحتلالية لن تغطي على هزيمتهم في معركة سيف القدس، التي قد تتكرر في أي لحظة وتعيد اليهود إلى الحسابات المنطقية، أما المسألة الثانية فهي حقيقة أن المقاومة في قطاع غزة باتت مطمئنة أن الضفة نهضت واستعادت عافيتها وهي قادرة على مقارعة الاحتلال دون الحاجة إلى دعمها إلا عند الضرورة القصوى، وهذا لا يعني أن فصائل المقاومة في غزة دخلت مرحلة الهدوء، ولكن يبدو أنها تستعد إلى معركة ذات أهداف بعيدة، معركة تتعلق بالمعابر البحرية وتحرير الغاز الفلسطيني من السيطرة الإسرائيلية.