بينما تتحضر دولة الاحتلال لمواجهة تحديات وتهديدات عسكرية من قوى معادية في المنطقة، فإن تهديدًا آخر لا يحظى بالاهتمام اللازم لديها، ما أثار موجة انتقادات حادة، ويتعلق بوقوع زلزال قوي يتسبب في مقتل سبعة آلاف إسرائيلي، وتشريد مئات الآلاف منهم، ومع أن الحكومة قررت مؤخرًا صياغة خطة وطنية لإعادة إعمار ما سيحدثه الزلزال، الذي يعد وقوعه مسألة وقت، ليس أكثر، فإن المخاوف ما زالت في ذروتها.
مع العلم أن أقل ما يقال عن استعداد دولة الاحتلال للزلازل الشديدة، التي لا شك في وقوعها، أنه غير متوفر، وفي ظل هذه الخلفية، فإن قرار الحكومة في مايو بشأن صياغة خطط عملية لإعادة التأهيل الجسدي والاجتماعي والاقتصادي طويل الأمد بعد وقوع زلزال شديد، الذي يتزامن مع فترة من عدم الاستقرار السياسي، يجعله يفتقر لإمكانية تنفيذ الخطة، في حال تغيرت الحكومة، وتبدلت أولوياتها.
يتمثل السيناريو الإسرائيلي وفق القراءات العلمية المتخصصة بوقوع زلزال قوي متوسط سيسفر عن وفاة أكثر من سبع آلاف نسمة، وترك مئات الآلاف بلا مأوى، وتضرر 29 ألف مبنى بصورة جسيمة، و290 ألفًا ستعاني أضرارًا طفيفة ومتوسطة، ونزوح 500 ألف، وخسائر 150 مليار شيكل، ولا يشمل ذلك أضرار البنى التحتية، مثل الكهرباء والوقود والغاز والمياه والصرف الصحي وأنظمة الاتصالات والمباني العامة، بما فيها المستشفيات والمدارس وأنظمة النقل البرية والجوية والبحرية وأنظمة إستراتيجية حيوية مختلفة.
بعض هذه الأنظمة لن تعمل لعدة أيام بعد الزلزال، والبعض الآخر قد يصل تعطلها إلى عدة أشهر، بما فيها الأضرار الثانوية كالحرائق، والصرف الصحي، وقد يستغرق إصلاحها سنوات عديدة، ومن المتوقع أن تكون الصعوبة في إعادة إعمار دولة الاحتلال بعد الزلزال الشديد كبيرة جدًّا مقارنة بالدول الأخرى، نظرًا لأنها صغيرة جغرافيًّا، ومكتظة بالسكان، ولأن الزلزال سيضرب وسطها، فسيؤثر في جزء كبير من الإسرائيليين ومبانيهم.
من المتوقع أن تواجه دولة الاحتلال نفسها صعوبة كبيرة في الاعتناء بنفسها، وستحتاج إلى مساعدة خارجية دولية واسعة النطاق، لكن حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعيشها منذ عدة أعوام قد يعوق الاستمرارية المطلوبة لأعمال التخطيط على المدى الطويل، ولا سيما في حال تغيير أصحاب المناصب العليا.
الغريب أن دولة الاحتلال لا تمتلك الكثير من الخيارات أمام هذه الهزة الأرضية المتوقعة، وفق الاعترافات الإسرائيلية، ولن يكون أمامها سوى تحمل الموقف، وانتظار الكارثة التالية، ما يعني أنها ستكون أمام تهديد طبيعي، مع احتمالات كبيرة للضرر والقتل، أكثر بكثير من المنسوب للتهديدات الأخرى التي مرت بها، أو يتوقع أن تواجهها، بما في ذلك كورونا، أو اندلاع مواجهة ضد إيران، فضلًا عن كون استحالة منع أو تأجيل الزلزال المتوقع.