فلسطين أون لاين

خطاب لا يليق بفلسطين

وأخيرا خطب رئيس السلطة في الجمعية العامة للأمم المتحدة خطاب فلسطين. كانت بيئة فلسطين المحتلة في العام الحالي ٢٠٢٢م الذي يوشك على الانتهاء مسكونة بأوجاع فلسطينية متنوعة، وكانت قيادات السلطة تبدي ألما ووجعا لا يطاق، وكان الشعب في الضفة والقدس أشد إحساسا بالألم والوجع من رجال السلطة.

بيئة مسكونة باقتحامات المدن، وقتل المواطنين، واعتقال آخرين، وهدم بيوت في جنين ونابلس، وتوسع في الاستيطان، وتجميد تام للمفاوضات، وفشل سياسي لا علاج له، لذا توقعنا أن يكون خطاب رئيس السلطة بمستوى الآلام والأوجاع الفلسطينية، وأن يتضمن بعض القرارات التي سبق وأن هدد باتخاذها في العام الماضي وهو يخاطب الجمعية العامة، ولكن للأسف جاء خطابه مخيبا للآمال، ودون التوقعات، وفيه استجداء للمفاوضات، لمجرد المفاوضات، ولا يتضمن أدنى قرار يعبر عن مواجهته للمشكلة المستعصية، أو يعبر عن بعض مطالب الشعب في الضفة والقدس وغزة.

خطاب باهت، ومكرر، وهو وصف لحالة الاحتلال، وكأن دول العالم لا تدرك ذلك، وتحتاج لمزيد من الوصف، وهي التي تتابع الصراع يوما بيوم، بل ساعة بساعة، وفي ظني أن جل الدول المؤيدة للحقوق الفلسطينية كانت تنتظر من رئيس السلطة قرارات ملموسة، لا سيما وأن أميركا ودول الغرب مشغولة بأوكرانيا، وإذا كانت ثمة إدانة لروسيا من دول الغرب، فالأولى إدانة (إسرائيل)، وإذا كانت أميركا والغرب تشرع مقاومة روسيا، وتعطي المرتزقة تصريحا بذلك، فمن باب أولى تشريع مقاومة الفلسطينيين. 

هذه المفاهيم ليست موجودة في خطابه، وغابت القرارات أيضا، وكذا الرؤية السياسية المستقبلية، والمؤسف أنه وقع في خطيئة تجريم المعتقلين عند الاحتلال، حين زعم أن ناصر أبو حميد ارتكب جريمة، ولكن عالجوه! ومن ثمة استنكرت الفصائل وعائلة أبو حميد، وغيرهم هذا الخطأ، لأن من يدافع عن وطنه لا جريمة عليه، بل هو صاحب الشرف العالي والهمة الوطنية التي فشل عباس في تقديرها حق قدرها.

باختصار الخطاب لا يمثل فلسطين بدقة، ولا يعبر عن الشعب وأوجاعه، وآماله، ولا يتناسب مع بيئة الضفة جنين ونابلس والقدس البتة، ويمكن القول بأن رئيس السلطة لم يعد قادرا على تمثيل فلسطين بحق، ربما لكبره في السن، أو لغيابه عن المشهد، أو لأسباب أخرى لا نعرفها. ما سمعناه أقل مما توقعنا. ما سمعناه أوجعنا. ولو كلف رئيس السلطة وزير خارجيته بالخطاب احتجاجا على تخاذل الأمم المتحدة عن تنفيذ قراراتها وإلزام دولة الاحتلال بها لعذرناه، ولكان ذلك أفضل له وللفلسطينيين!