يائير لبيد رئيس وزراء حكومة (إسرائيل) لفترة أسابيع قادمة فقط يزعم من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة تأييده لحلّ الدولتين. هذا الزعم يخالف الواقع على الأرض حيث تشجع حكومته الاستيطان، وتقتحم قوات جيشه مدن الضفة صباحًا ومساء، وتقتل وتعتقل وتفرض سيادتها على الأرض المكتظة بالسكان، هذا من ناحية، ومزاعمه تتعارض من ناحية مع الرؤية الإستراتيجية لدولة الاحتلال والمفاهيم التي أرساها مؤسسو الدولة.
إن تأييده حل الدولتين بمناسبة خطابه في الجمعية العامة لا يخرج عن موقف علاقات عامة يرضي به أولًا جون بايدن الرئيس الأميركي الذي يحثه على هذا القول، ويرضي به عددًا من أعضاء الجمعية العامة، ويحبط به أيضًا دعوات محمود عباس التي من المتوقع أن تكون في خطابه ضد تصرفات دولته. أي إن عبارة حلّ الدولتين جاء ت على لسان لبيد بموجب المكان ومن يحضرون في المكان، لا أكثر من ذلك.
ثمّ إن مفهوم الدولتين عنده لو كان صادقًا يختلف بشكل جذري عن مفهوم الفلسطيني له.
الدولتان إسرائيليًّا لا تعني حدود ١٩٦٧م، ولا تعني القدس عاصمة فلسطين، ولا تعني إزالة المستوطنات، ولا تعني السيادة، ولا تعني العلاقات الخارجية المستقلة، ولا تعني حق العودة، واللاءات متعددة، والشروط عديدة، بحيث يفقد حلّ الدولتين معناه ولونه.
إن غياب الوعي الفلسطيني بجوهر وحقائق الرؤية الصهيونية لحلّ الصراع أضر بالموقف الفلسطيني تاريخيًّا، وكبّده مزيدًا من المخاسر، ولكن حالة الوعي الآن في ظلّ تقدم الاتصالات وانتشار التقنية تعد حالة وعي متقدمة وجيدة في فهم الصراع ورؤية العدو له، ومن ثمة لا يمكن أن يخدع الشعب بكلمة باردة قالها يائير لبيد من منبر الأمم المتحدة، بحسب مقتضيات الموقف، أو بحسب رغبة جون بايدن الرئيس الأميركي، الذي يود التركيز على الصراع في أوكرانيا؟! الشعب يدرك أن ما قيل مناورة وخداع. الشعب يحكم بما يراه في الميدان وفي الساحات ومدن الضفة التي يستبيحها لبيد وجيشه بمزاعم مختلفة.