مع تزايد الهجمات الفلسطينية في الأسابيع الأخيرة، يطرح الإسرائيليون تساؤلات بدون إجابة عن جدوى عملية "كاسر الأمواج" التي أطلقها جيش الاحتلال منذ يونيو الماضي بعد سلسلة هجمات مسلحة أسفرت عن مقتل قرابة 20 إسرائيليا بين الجنود والمستوطنين، ورغم أن هذه العملية تدخل شهرها الثالث، لكنها تنطوي على الكثير من الاحتكاك مع الفلسطينيين، خاصة في ظل تحضيرات الاحتلال لموجة جديدة من الهجمات مع اقتراب الأعياد اليهودية.
في الوقت ذاته، دأب الإسرائيليون في كل عام على إبداء مزيد من الاستعداد واليقظة لمواكبة هذه الأعياد أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر، باعتبارها فترة متوترة من النواحي الأمنية، ويبدو أن هناك عدة عوامل إضافية تتضافر هذا العام، مما يتطلب اهتمامًا خاصًا يظهره قادة الأجهزة الأمنية والمستوى السياسي، خاصة وأن الجبهة الرئيسية التي تتصاحب معها مخاوف التصعيد، وقد ترافق الاسرائيليين في الأسابيع المقبلة هي الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
يحدث كل ذلك على خلفية حملة انتخابية إسرائيلية حامية الوطيس، وضغوط سياسية من جميع الاتجاهات التي تترك تأثيراتها السلبية على الاعتبارات الأمنية، صحيح أنه قد لا يوجد خط واحد يربط بين عوامل التوتر المختلفة، لكن هناك بالتأكيد أحد العوامل المركزية التي قد تشكل صاعق الانفجار الذي سيجلب كل هذه التوترات إلى حريق هائل واحد في المسجد الأقصى.
ليس سرّاً أن موسم الأعياد اليهودية يشكل وقتًا متوترًا من النواحي الأمنية، وقد يؤدي إلى حدث غير عادي في المسجد الأقصى، صحيح أن المستوى السياسي الإسرائيلي معني أن تمر هذه الفترة الزمنية بهدوء، لاعتبارات كثيرة، داخلية وخارجية، لكنه في الوقت ذاته لا يرى لنفسه مصلحة انتخابية بالدخول في صدام مع المستوطنين اليهود، خشية على ضياع أصواتهم منه، وذهابها إلى منافسيه الذين سيظهرون حرصاً لافتا على المشاركة في اقتحامات الأقصى، أو على الأقل دعمها وتأييدها.
مع العلم أن جهود الاحتلال الدؤوبة للحيلولة دون حدوث المزيد من الهجمات الفلسطينية المسلحة، يتخللها اقتحامات يومية لمناطق فلسطينية في قلب الضفة الغربية، لشنّ حملات متواصلة من الاعتقالات التي يرافقها إطلاق نار متبادل بين جيش الاحتلال والمقاومين، وبالتالي تستمر الحلقة المفرغة من دائرة المواجهات الآخذة في الاتساع، لاسيما وأنها تترافق مع تطورات فلسطينية داخلية في الضفة الغربية، الأمر الذي سيجعل الاحتلال في مواجهة أحداث ميدانية يكتسب بعضها أبعادا داخلية، تجد طريقها في التعبير عن نفسها بمهاجمة الاحتلال.
هنا، يظهر حجم الترحيب الإسرائيلي مثلا باعتقال السلطة الفلسطينية للمقاوم مصعب اشتية، الذي يزيد عند الاحتلال أهمية تعزيز التنسيق الأمني معها، باعتباره مصلحة أمنية عليا، على الأقل إلى حين اجتياز هذه الفترة الزمنية الحساسة.