فلسطين أون لاين

بالصور "حذاء حديدي".. فنان فلسطيني يصور طريق السفر المثقل بالتعب

...
الفنان حمادة القبط يسير بحذاء حديدي أمام بوابة معبر رفح
غزة/ مريم الشوبكي:

"وغدًا تسافر والأماني حولنا حيرى تذوبْ"، بهذه الكلمات بدأ الشاعر المصري فاروق جويدة قصيدته النثرية "وغدًا تسافر"، ففي حين أن السفر بات أمرًا سهل المنال لا تزال صورته في المتخيل الفلسطيني كما رسمها الشاعر الفلسطيني محمود درويش حين قال في مطلع قصيدته "نسر على ارتفاع منخفض": كم تبقَّي من طريقكَ؟ كُلُّهُ.. فاذهبْ إذن، واذهبْ كأنَّكَ قد وصلتَ.. ولم تصلْ، لولا الجهات، لكان قلبي هُدْهُداً".

بحذاء حديدي كبير، أراد الرسام حمادة القبط توصيف معاناة سكان قطاع غزة في ممارسة حقهم في السفر، فبالكاد استطاع تحريك قدمه من مكانه وهو ينتعل الحذاء الذي صممه في الميناء، ومطار غزة الذي دمره الاحتلال إبان الانتفاضة الثانية.

أطلق القبط (27 عامًا) من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة على مشروعه الفني "ربما هناك طريق" وعرضه في معرض "لا أحد يحن إلى الوجع" الذي أقيم داخل مقر "محترف شبابيك" في مدينة غزة قبل عدة أيام.

حذاء حديدي (3).jpeg
 

وصف القبط معاناة السفر وتأثيراته الاجتماعية والتعليمية، بعمل من الفن التركيبي من خلال استخدام فن "الفيديو آرت"، و"الفوتو آرت"، بعد ثلاثة أشهر من نضوج الفكرة حتى تنفيذها.

يقول لـ"فلسطين": "في مكان جغرافي صغير وضيق ما زلنا نبحث عن أقل شروط الحياة التي توفر حقوق الأفراد وحاجاتهم الأساسية ولا سيما أحد أهم هذه الحاجات هي حرية التنقل والسفر، هذا الحق تمارسه الكثير من الشعوب والمجتمعات في هذا العصر بشكل طبيعي".

حذاء حديدي (4).jpeg
 

ويستدرك قائلًا: "إلا أننا في غزة في بيئة محاصرة بالجدران الأسمنتية من جميع الجهات، والسماء التي يملؤها أزيز الطائرات على مدار الساعة، يصبح هذا الحق من المستحيلات، أن تعيش في بقعة جغرافية معقدة سياسيا واقتصاديا، ذلك يجعل موضوع السفر خارج فلسطين، والتنقل بين المدن الفلسطينية هو أمر صعب جدا ومستحيل".

ويبين القبط أنه عاش معاناة السفر، حيث ضاعت عليه كثير من الفرص بسبب إغلاق معبر رفح بشكل مفاجئ، وصعوبة الوصول إليه بسبب الهجمات العدوانية التي يشنها الاحتلال على القطاع باستمرار، لذا فكر بإنتاج مشروع فني يصف هذه المعاناة.

حذاء حديدي (2).jpeg
 

ويوضح الرسام أنه ركز خلال المشروع على تصميم حذاء من الحديد الثقيل المكسو بالجلد الطبيعي، وهو شبه الأحذية المتعارف عليها لكنه بحجم كبير ولافت للنظر.

ويشرح القبط أن الفكرة في الحذاء وهو وسيلة تساعد الأشخاص في التنقل من مكان إلى مكان آخر فعمل على المبالغة في حجم الحذاء حتى يكون واضحًا ومثيرًا للاهتمام من الجمهور، وليثير لديهم العديد من الأسئلة عند رؤيته.

ويؤكد أنه حين نزل إلى نقاط الخروج من غزة وهي بالطبع مغلقة طوال الوقت كالمطار والمعبر والميناء، كان تفاعل الناس في الشارع في منتهى الدهشة والغرابة، حيث منهم من حاول المشي فيه والتعرف على المشروع بشكل كامل.

حذاء حديدي (1).jpeg
 

ويشير القبط إلى أنه في المعرض تم عرض الحذاء على شريط أحمر حتى يتفاعل معه الناس بجانب الصور والفيديو، حيث كانت الاقتباسات ذات معنى عميق، "فالشعور بالثقل وصعوبة الحركة والتنقل تستمر معك لبعض الوقت حتى بعد خلعك للحذاء وكان العديد منهم حاول أن يسافر وكل منهم له حكاية ورواية مختلفة لكنها تشترك بمعاناة وتعب ومشقة".

ويفلت إلى أنه قاد عملية تصنيع الحذاء من لحظة التصميم حتى تنفيذه بنفسه في محل للحدادة، ومن ثم كسوه بالجلد من محل يصمم جلود الأحذية.

ويختم القبط حديثه: "الإنسان الفلسطيني لا بد أن يكون صاحب رسالة وقضية ويترجم معاناته للغة مثيرة تلفت نظره يستطيع العالم التفاعل معها".