تعزز حركة حماس إعادة علاقاتها الخارجية على المستويين العربي والدولي، من منطلق إعادة بناء الوحدة العربية في ظل المتغيرات والظروف التي تمر بها المنطقة، والتي تعد أحد أشكال تداعيات الأزمة الروسية-الأوكرانية التي غيرت الكثير من القواعد السياسية بين بلدان أوروبية وعربية، ولم تنتهِ فصولها بعد، ولا سيما أن تبعاتها الاقتصادية ما زالت تتشكل وتغير موازين القوى الدولية التي انعكست مباشرةً على الإقليم وعلى الشأن الفلسطيني.
إذ جاء بيان حماس ليعبر عن وجهتها السياسية في الإقليم وعن رؤيتها الإستراتيجية كأحد المتغيرات التي دخلت معادلة التحالفات وبشكل واسع، ويضع النقاط على الحروف معلنًا مرحلة جديدة في تصفير الخلافات بينها وبين بعض البلدان العربية، التي تعدها حماس محورًا رئيسًا في دعم القضية الفلسطينية، وقد سبق أن كانت سوريا من أوائل الداعمين للقضية الفلسطينية، كمصر والأردن والسعودية، فقد شكلت تلك الدول قوة سياسية وازنة للحفاظ على المشروع الفلسطيني، ودعمت القرارات الدولية التي تمنح الفلسطينيين دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وتصدت عبر زمن طويل للمخططات الأمريكية والصهيونية.
من هذا المنطلق باتت حركة حماس أكثر حرصًا على استعادة العلاقة بالنظام السوري، بعد إعلان موقفها الذي يدعو إلى عدم المساس بسيادة سوريا كنظام وشعب يتعرض للاعتداءات الصهيونية المتكررة، وأبدت استعدادًا للعودة إلى ما كانت عليه قبل عام 2012 ولا سيما أن حماس طرحت موقفًا متوازنًا آنذاك، ودعمت وحدة سوريا شعبًا ونظامًا، باعتبار أن التدخلات الأجنبية كانت سببًا لما تعرض له السوريون على مدار عشرة أعوام.
إذ بات من المؤكد أن عوامل مساعِدة ستدفع تجاه عودة العلاقة بالنظام السوري، إذ إن التقارب بين روسيا وحركة حماس يعد في أفضل مراحلة، كذلك العلاقة بحزب الله والنظام التركي، وهو ما يترتب عليه تشكيل تحالف إقليمي يدعم موقف كل الأطراف، في ظل ما تتعرض له سوريا من قصف صهيوني مركز وموسع يستهدف عددًا من مطاراتها ومنشآتها العسكرية والمدنية، وهو ما يدعو إلى تشكيل وحدة حماية إقليمية للتصدي للعدوان الصهيوني المستمر، إذ ذكرت تقارير إعلامية أن الاحتلال يعمل على دعم الجيش الأوكراني من خلال بيع الأسلحة بطريقة غير مباشرة، كما تجند الحكومة الصهيونية جزءًا من أموالها لإعادة ترميم الجيش الأوكراني ودعم نزوح الأوكرانيين في أوروبا وفي الأراضي المحتلة، وهو ما يعد مدخلاً مهمًّا لتحديد روسيا موقفها تجاه الممارسات الصهيونية العدائية والتي تنحاز للإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، إذ بدأ الاحتلال بالتنقيب عن الغاز في حقل كاريش على الحدود اللبنانية، لتغطية عجز الوقود الذي تتعرض له أوروبا نتيجة وقف روسيا تصدير الغاز لدول الناتو، وهو موقف يرفضه حزب الله وترفضه قوى المحور وعدته سلبًا لثروات لبنان واعتداء على سيادتها.
تسعى حماس من خلال علاقتها بالنظام السوري الحفاظ على حقوق اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء بدمشق، إذ إن منظمة التحرير لم تقم بواجبها الوطني تجاه آلاف النازحين الفلسطينيين الذين احتضنتهم سوريا منذ عام 1967، كما تسعى للتعاون المشترك فيما يتعلق بدعم حقوق سوريا أن تكون عضوًا في جامعة الدول العربية، ودعم هذا الموقف الذي يعبر عن وحدة الهدف والمصير في استعادة حقوق الأمة والحفاظ على إرثها الوطني والإسلامي، كما أن مستقبل العلاقة ينبغي أن يُبنى على إعادة الثقة في كل ما يتعلق بموقف سوريا التي ترفض التطبيع مع الاحتلال، وتعمل على دعم فصائل المنظمة، ولا سيما أنها كانت تمثل إحدى الساحات المهمة في انطلاق العمل السياسي والوطني لحركة حماس وللقوى والفصائل الفلسطينية.