قبل عمليتي الغور وحاجز الجلمة هدد الاحتلال بشن عملية عسكرية ضد نابلس وجنين لضرب المقاومة من جذورها، بعد عملية الغور اقتحم جنين بمئة آلية ومئات الجنود من أجل هدم منزل، أما بعد عملية الجلمة والتي قتل فيها ضابط اسرائيلي، قررت (إسرائيل) إغلاق منطقة في جنين وسحب تصاريح العمل من القرى التي يخرج منها منفذو العمليات ضد الاحتلال.
نلاحظ أن (إسرائيل) تتعامل مع العمل العسكري الذي ينطلق من الضفة الغربية ضد الجنود والمستوطنين بشكل مختلف عن ذي قبل وهذا ما أشرتُ إليه في مقالات سابقة، ولكن لا يمكنها التعايش مع هذا الوضع لوقت طويل وخاصة أن عمليات إطلاق النار في تصاعد مستمر، هي غير قادرة على خوض معركة واسعة في الضفة خشية من فقدانها السيطرة أكثر مما هو عليه الحال الآن وخشية من حرب جديدة على غرار سيف القدس، وهي أيضا غير مستعدة أو هي لم تنضج بعد لقبول الحلول السياسية التي تجمع عليها الفصائل الفلسطينية، ولكن إلى ذلك الحين فإنني أتوقع أن تلجأ إلى المزيد من الانعزال عن الشعب الفلسطيني من أجل تجنب ضربات المقاومة والمزيد من الخسائر في الأرواح وفي معنويات جيش الاحتلال والمستوطنين. أعتقد أن دولة الاحتلال وفي المستقبل القريب ستبدأ ببناء أسوار داخل الضفة الغربية على غرار السور الفاصل بين الضفة الغربية والمناطق المحتلة عام 48، وقد تكون مدينة جنين أول المدن الفلسطينية التي ستحاصر من جهات معينة بسور فاصل، وكذلك قد تلجأ (إسرائيل) إلى استحداث طرق وشوارع التفافية جديدة تجنبا للمناطق القريبة من التجمعات الفلسطينية التي يصعب على جيش الاحتلال توفير الأمن الدائم فيها، وهذه كلها توقعات بسبب حالة الضعف التي ظهرت على جيش الاحتلال الاسرائيلي في الآونة الاخيرة ولم يعد قادرا على اخفائها.
المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية لن يوقفها تهديد جيش الاحتلال بمنع تصاريح العمل عن القرية أو المدينة التي ينفذ شبابها عمليات ضده، تلك سياسة تم تجريبها في السابق وفشلت فشلا ذريعا، ونحن نلاحظ أن جيش الاحتلال يظن أن تصاريح العمل هي العصا السحرية للتعامل مع الفلسطينيين، يقوم بعمل تسهيلات في غزة ومنح مئات التصاريح من أجل التهدئة وفي الضفة يحاول ان يمنعها ايضا من اجل التهدئة، وكذلك لو أحاط كل تجمع سكاني بسور واستحدث عشرات الشوارع الالتفافية لن يزيد الاحتلال إلا خسارا، فكل هذه محاولات عبثية لن تمنع الشعب الفلسطيني من انتزاع حقوقه وتحرير ارضه.