فلسطين أون لاين

​لم يصل منها سوى "الفتات" في ظل تغول الاحتلال

صناديق دعم القدس.. قرارات كتبت على لوح الثلج

...
فلسطينيات يؤدين الصلاة في المسجد الأقصى (أ ف ب)
القدس المحتلة / غزة - أحمد المصري

أعلن العرب والمسلمون على المستوى الرسمي والأهلي والشعبي، على مدار السنوات الأخيرة خاصة التي شهدت احتدامًا في حالة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس، تأسيس العديد من صناديق الدعم المالي، لدعم صمود المواطنين المقدسيين وصد التوغل الاحتلالي على المقدسات وعلى رأسهم المسجد الأقصى، إلا أن معظم هذه الإعلانات كانت بمثابة حبر على ورق.

وافتتحت باكورة تأسيس صناديق دعم القدس، خلال القمة العربية في مدينة سرت الليبية عام 2010، بقيمة نصف مليار دولار، إلى أن تبعها إقرار صندوق آخر خلال قمة قطر عام 2013، بمبلغ مليار دولار، فيما أعلن عن تأسيس صناديق مماثلة انبثقت عن هيئات أهلية وشعبية في دول عربية وإسلامية متعددة لدعم المدينة.

"فلسطين" وفي ظل مجريات الواقع في مدينة القدس، تفتح باب التساؤل مع متخصصين مقدسيين حول هذه الصناديق التي خُصصت للمدينة، وإن كانت رأت النور على أرض الواقع بعد سنوات من تأسيسها، وأبرز العقبات التي وقفت في طريقها، وأوجه الحاجة المقدسية لها على أعتاب الاستهداف الإسرائيلي.

كأنها لم تكن

مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبد القادر، يقول: إن انتفاضة الأقصى عام 2000، وما تبعها من أحداث ميدانية، واعتداءات وسياسيات إسرائيلية تجاه مدينة القدس وسكانها ومقدساتها، فتح باب التضامن العربي الإسلامي المادي بإنشاء صناديق دعم القدس، مضيفًا: "لكن للأسف وكأنها لم تكن".

ويؤكد عبد القادر أن "الفتات" هو ما وصل واقعًا لدعم صمود المدينة وأهلها، مشيرًا إلى أن تشتت صناديق الدعم العربية والإسلامية، وتداخلها منذ انطلاقها، انعكس سلبًا في دعم مؤسسات القدس وأهلها بعدم الاستفادة منها.

ويتوقع عبد القادر أن يكون غياب المرجعية الواحدة لصناديق الدعم الخارجية للقدس، اللاعب الأساس في عدم تفعيل دورها على أرض الواقع، مشددًا على أنه وفي ظل هذا الواقع يعتمد المقدسيون على ذواتهم ودون أي جهة داعمة ومساندة.

المختص في الشأن المقدسي، د. جمال عمرو، يقول: إنه وبتفحص دقيق لواقع الحال لمعظم ما تم إنشاؤه من صناديق خاصة لدعم مدينة القدس، يكتشف أن الهالة الإعلامية لهذه الصناديق لم تتعد مستوى الأقوال التي أعلنت في وقتها.

ويضيف عمرو أن بعض الدول العربية أعلنت في قمم ومؤتمرات رغبتها في دعم القدس وأهلها في ظل تغول الاحتلال، إلا أنها لم تملك تنفيذ قرارها على الأرض لعدة أسبابها، أهمها الرفض الأمريكي.

ويذكر أن بعض المؤسسات العربية والمقدسية وبعيدًا عن الصناديق المعلنة في القمم العربية والمؤتمرات الإعلامية قدمت ما لا يمكن إنكاره على مستويات دعم الأهالي المقدسيين، إلا أنها تبقى أرقامًا متواضعة أمام ما يُقدم سنوياً لليهود والمستوطنين للاستيلاء على المدينة المقدسة.

ويؤكد عمرو أن عدم وصول الأموال العربية المخصصة في صناديق القدس، يأتي في ظل حاجة كبيرة وواسعة للمدينة، وسكانها، لافتا إلى أن القدس مدينة منكوبة فعليًا وتحتاج لمشروع إنقاذ فوري بقيمة مليار دولار.

ونبه إلى أن العجز التراكمي في ملف الشقق السكنية بمدينة القدس يصل إلى نحو 45 ألف شقة، سعر الواحدة نصف مليون دولار، فيما أن نسبة الفقر بداخلها وفقًا لتوثيقات رسمية ما يقارب من 83% من سكانها، وهو ما يدفع للتساؤل أين صناديق الدعم العربية إزاء ذلك.

حبر على ورق

ويشدد المختص في شؤون القدس ناصر عيسى، على أنه رغم أن سنوات مضت من إعلان تأسيس صناديق دعم مدينة القدس في القمم والمؤتمرات العربية، إلا أنها حتى اللحظة ما زالت حبرًا على ورق، ولم يتم تحويل إلا "الفتات" التي سارت باتجاه ترميم بعض البيوت المقدسية وتوزيع سلال غذائية على الفقراء.

ويعبر عيسى عن أسفه لقرب ضياع مدينة القدس وتهويدها عبر الاحتلال، في وقت يمنُّ العرب والمسلمون أموالهم على المدينة، رغم أنهم أعلنوا تبرعهم علنا بها، مضيفًا: "كل صناديق الدعم لم تكن إلا وعودًا ورقية ولفظية، لم تترجم إلى عمل".

ويوضح عيسى أن مدينة القدس وفي ظل غياب الإسناد والدعم العربي الحقيقي، تعيش على وقع تهويدي محموم، يتنافس على دعم هذا التهويد جهات وشخصيات يهودية رسمية ومدنية من داخل دولة الاحتلال وخارجها، فيما أن إعلان تأسيس صناديق الدعم الخاصة بالقدس لم يرَ المقدسيون إلا أنها فقط للاستهلاك الإعلامي.