الفصائل تحشد أنصارها في تظاهرة بحرية واسعة النطاق تطالب من خلالها العالم بتوفير ممرّ آمن مع العالم الخارجي لغزة. وقوات البحرية الإسرائيلية تقف في حالة تأهب عالية لمنع النشطاء من تجاوز نطاق البحر المسموح به في قرار حصار غزة بحريا.
غزة تبحث عن حياة كريمة دون حصار، والممر البحري الحرّ إحدى أدوات الحياة الكريمة التي يبحث عنها المواطنون في غزة، الذين يعانون الأمرين في السفر عبر المعابر. التظاهرة البحرية يجدر أن تكون تظاهرة مستمرة ومتجددة، ولا يجدر أن تكون موسمية. الحاجة للمرّ البحري الحرّ تعادل حاجة الفلسطيني للطعام. غزة بحرية والبحر طريقها للسفر وللتجارة وللتواصل مع العالم دون حاجة للغير البتة. الاحتلال بحصاره هو الذي يمنع تواصل غزة مع العالم بحرّية. هذا المنع يجدر أن يقاوم، وباستمرار.
في بحر غزة غاز طبيعي استثماره يمكن أن يغير وجه الحياة فيها. الحصار يمنع غزة وفلسطين من استخراج غازها واستثماره في تحسين حياة السكان، وفي الوقت نفسه هناك من يتهم إسرائيل بسرقة غاز غزة. قضية الغاز وجه آخر لعلاقة غزة مع البحر. وإهمال سلطة الحكم الذاتي لغاز غزة لا يبرر سكوت الفصائل عن هذا الملف. ملف الممر، وملف الغاز يجدر أن يكونا عنوانين للمقاومة، كما غلاف غزة عنوان للمقاومة البرية.
حكومة الاحتلال تراقب فعاليات غزة من كثب، ولأنها تخشى تدحرج الأمور أعلنت عن مناورة عسكرية في قرى غلاف غزة. حكومة الاحتلال التي ترفع جهوزيتها في الغلاف ترسل رسائل ذات مغزى تتهم فصائل غزة بالمسئولية عن أعمال المقاومة الأخيرة في الضفة الغربية سواء من خلال التحريض أو التمويل.
اتهام غزة بأنها وراء تزايد أعمال المقاومة الفردية في الضفة هو اتهام تبريري لفشل استخباري صهيوني، يحاول العدو فيه الدفاع عن فشله في تحويل شباب الضفة إلى شباب مستسلم يبحث عن المال والرفاهية ولا يبحث عن وطن وكرامة. ومن المعلوم أنه من حق غزة دعم شباب الضفة، وهذا شرف لها إن كان صحيحا، فالوطن واحد، والدفاع عنه واجب مشترك.
حكومة الاحتلال تعلم مدى النار التي تسكن شباب الضفة وغزة، وتعلم أن مطالب الفلسطيني عادلة، وأنه لن يتنازل عنها، وأن المقاومة إحدى وسائله، وتعلم أن في غزة بحرًا، وغازًا طبيعيًا، ومن حق الفلسطيني استغلال غازه، والاستفادة من بحره، وأن الحصار لن يميت هذه الحقوق. وإن من حق شباب الضفة العيش بحرية ودون استيطان، وإذا فشلت السلطة في توفير ذلك له، فهو يقاوم لتوفير مطالبه.
تهديدات الاحتلال، وإغراءاته الناعمة، لن توقف غزة عن حقها في غازها، وفي ممر آمن، وفي تجارة دولية مباشرة مع العالم، ولن توقف شباب الضفة عن مقاومة الجيش والمستوطنين؛ لأن من يبحث عن الكرامة والحرية لا يقف دونهما أبدا. هكذا يقول التاريخ، وتقول تجارب الأمم.