تواصل العمليات الفدائية الفلسطينية التي تشهدها الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة استحواذها على السجال السياسي والنقاش الأمني والعسكري الإسرائيلي، مع خروج تسريبات بين حين وآخر تفيد بأن 80٪ من هذه الهجمات تركزت في شمال الضفة الغربية، تحديدًا في مدينتي نابلس وجنين، وفيها تم استخدام بنادق عادية مهرّبة إلى الضفة الغربية في السنوات الأخيرة، رغم المزاعم الإسرائيلية التي تتحدث عن إحباط قوات الاحتلال لقرابة مائتي هجوم لإطلاق نار إضافي منذ بداية العام الجاري..
من الواضح أن جيش الاحتلال يواجه صعوبة جدية في كبح الزيادة الكبيرة في نطاق إطلاق النار في أنحاء الضفة الغربية، لاسيما في ضوء المعطيات التي وجدت طريقها الى النشر خلال الأيام القليلة الماضية، وجاء فيها أنه منذ بداية العام 2022، وقعت حوالي مائة عملية إطلاق نار تم فيها استخدام البنادق بشكل كبير، مما يكشف عن مضاعفة عدد العمليات التي وقعت في مثل هذه المدة الزمنية من العام الماضي 2021.
في الوقت ذاته، تتركز الهجمات الفلسطينية على مركبات الجيش وحافلات المستوطنين على الطرق الرئيسية وفي المواقع العسكرية، لاسيما تلك القريبة من القرى والبلدات الفلسطينية، بالتزامن مع تقارير إسرائيلية متزايدة عن ارتفاع معدلات تهريب الأسلحة والوسائل القتالية عبر الحدود الأردنية، رغم زيادة عمل الجيش والشرطة والشاباك، وما يواكبها من نشاطات استخباراتية مكثفة وإجراءات مضادة على الأرض، لكنها جميعا لم تفلح في وقف أو تخفيض عمليات تهريب الأسلحة.
مع العلم أن رصدا أولياً للهجمات الفلسطينية الأخيرة، وإن كانت في معظمها فردية، لكنها في العموم لم تعتمد تكتيكًا واحدًا يتمثل بانتظار جنود الاحتلال والمستوطنين على الطرقات، بل لجأت إلى المبادرة لشن عمليات على أكثر من موقع، وتراوحت بين الهجوم من مكان ثابت ضد هدف متحرك، ومن مكان متحرك ضد هدف متحرك، ومن مكان ثابت ضد هدف ثابت، الأمر الذي يشير الى تعلم هذه الخلايا كيف تحدد أخطاء العدو، واستخلاص العبر الميدانية والعملية بصورة سريعة جدا، مما يشكل تعقيدا لجيش الاحتلال.
ملاحظة هامة لا تقل أهمية عن سابقاتها تتعلق بالمنفذين الذين تتراوح أعمارهم بين 18-25 عاما في المتوسط، مما يحمل دلالات شجاعة لافتة، وقدرة على التخفي بسرعة، والعودة بعد بعض الوقت لتنفيذ عملية أخرى، مما قد يشير إلى حرية التنقل في أنحاء الضفة الغربية، لاسيما في شمالها، رغم حملات الاعتقالات التي طالت حتى الآن أكثر من 1500 شابا، ومصادرة أكثر من 300 قطعة سلاح ممنوعة، وفق مزاعم الاحتلال، ورغم كل ذلك، لكن الأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية يواصل تلقيه مزيدا من الضربات والاستهدافات!