رئيس الشاباك رونين بار يقول: توجد زيادة بنسبة 30% في عمليات إطلاق النار في الضفة الغربية مقارنة بالعام الماضي، ويقول: عانينا من أكثر من 130 عملية إطلاق نار هذا العام، مقارنة بـ98عملية في عام 2021م، و19 عملية في عام 2020م. وأحبطنا 312 عملية كبيرة، واعتقلنا أكثر من 2000 شخص. وقال: في كل ليلة يتعرض جنودنا لعمليات إطلاق نار.
هذه إحصائية حكومية إسرائيلية لأنشطة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، ولا سيما في منطقتي نابلس وجنين، ونحن نقرأ فيها غير ما يريده رونين بار. هو يريد تهديد السلطة وبيان عجزها أو تكاسلها عن الالتزام بما توجبه اتفاقيات الأمن مع محمود عباس، لذا هو يذكر السلطة أنه في عام 2020م كانت ثمة (19) عملية إطلاق نار فقط. أي الزيادة بلغت ستة أضعاف في هذا العام، هذا في العمليات المنفذة، وأكثر من عشرة أضعاف إذا ضممنا الأعمال المحبطة.
نحن نقرأ فيها معلومات أخرى:
١- نقرأ فيها دليلا غير مستهدف من رونين بار يقول: إن الشعب الفلسطيني شعب حيّ ويتمتع بالحيوية، ولديه القدرة على تجديد شبابه، ومقاومتنا بعنف، وإنه لا غلبة لنا عليه إذا ما توقفت السلطة عن التنسيق الأمني معنا.
٢- إن بار يريد من السلطة العودة لتقديم الخدمات الأمنية بجدية، ويريد أن يقول لحكومة إسرائيل: يجب تلبية مطالب السلطة المالية، وغير المالية، ودون ذلك فثمة زيادة في أعمال المقاومة.
٣- ما أود قوله: إن العمل الفلسطيني نشط ضد المحتل، والفلسطيني يدفع حياته من أجل دينه ووطنه وحريته، ولكن سلطة الحكم الذاتي مسكونة بغباء وفشل، وهي لا تستفيد من حيوية الفلسطيني وإقباله على التضحية، وتذهب إلى مساومات مالية مع حكومة (إسرائيل) لاستئناف أنشطتها ضد المقاومة في نابلس وجنين، ولكن ثمة إعراض من حكومة (إسرائيل) عن دفع الثمن الذي تطالب به السلطة.
٤- هذا الخلاف بين حكومة الاحتلال والسلطة في مصلحة المقاومة، ويتيح لها فرصة جيدة للمقاومة، ويعطيها فرصة للنمو المضطرد، وأن تلحق جنين بغزة من حيث إجبار الاحتلال على الخروج منها، وقد كان شارون يعتزم على عملية فك ارتباط مع الضفة، والعمل داخلها عن بعد، ودون تكاليف، وإنه بمكنة المقاومة أن تفرض على المحتل ما كان يقترحه شارون.
٥- إن رونين بار يحمّل غزة مسؤولية تزايد المقاومة في الضفة. إن تحميل غزة مسؤولية التحريض على المقاومة، ومسؤولية إمداد المقاومين بالمال اللازم لشراء السلاح، وأن الجيش يدرس اعتبار التحريض سببا كافيا للهجوم على غزة لن يجدي العدو نفعا، ففصائل المقاومة لا تخفي تحريضها للضفة على مقاومة الاحتلال والمستوطنين، وهذا أقل ما يمكن أن تعمله غزة للضفة الغربية، وتهديدات رونين بار لن تخيف قادة المقاومة.
٦- إن رونين بار يصادم منطق التاريخ وتجارب الاستعمار الحديث، حيث يريد استبقاء الاحتلال بيد فلسطينية، وبتعاون أمني لأجهزة أمن السلطة. وهذا عمل غير شريف وترفضه الوطنية الفلسطينية وتقاومه كما تقاوم الاحتلال.
إحصائية رونين بار لها دلالات يجدر بالمهتمين قراءتها مرة بعد مرة، واستخلاص العبر منها، وما عرضنا له هو جزء من هذه العبر.