فلسطين أون لاين

زراعة الجوافة في غزة.. صراع مع ملوحة المياه وأمراض التربة

...
صورة أرشيفية

تفوح رائحة فاكهة الجوافة في شوارع وأزقة وبيوت الفلسطينيين في قطاع غزة، إذ يعد موسم الجوافة واحدًا من أهم المواسم الزراعية في القطاع، إلا أنه فقد هذا العام نحو نصف إنتاجه السنوي، بسبب ما يعانيه من ملوحة المياه ومشكلات في التربة، إلى جانب الآفات الزراعية.

وتشتهر منطقة "المواصي"، غربي مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، بزراعة الجوافة، نظرًا لعذوبة مائها، إذ تعد المنطقة المصدر الرئيس في قطاع غزة لهذه الفاكهة.

يقول الخبير الزراعي والبيئي، نزار الوحيدي، إن "أهالي قطاع غزة عرفوا زراعة الجوافة خلال فترة الاحتلال الإنجليزي، في عشرينيات القرن الماضي، إذ لم تكن فاكهة مرغوبة لدى الغزيين".

واستدرك الوحيدي بالقول لـ"قدس برس" إنه "ومع مرور الوقت، أصبح أهالي القطاع يتقبلون الفاكهة الاستوائية، وأصبح لها شأن واستثمار في زراعتها".

وأضاف: "أصبحت هناك أصناف عديدة وجيدة للجوافة، وأصبح لدينا محترفون في إنتاجها، وأصبحت مورد دخل جيدًا لزارعيها".

وبيّن الخبير الزراعي أن "موسم الجوافة، مع كونه أحد أهم المواسم الزراعة في غزة، فإنه تراجع، وتراجعت زراعته في منطقة المواصي، وتدهور إنتاجها، بسبب ملوحة المياه، إلى جانب أمراض في التربة".

وأشار إلى أن "الجوافة لا تعد من فواكه الدرجة الأولى، لكنها مورد اقتصادي جيد"، مضيفًا أنها كانت في الماضي تصدر جيدًا "لكن اليوم لا يوجد تصدير، وهناك تراجع في جودة المنتج نفسه، وكمية الإنتاج".

وأوضح أن الاحتلال "يضع عراقيل كثيرة في طريق تصدير الجوافة، الفاكهة التي لا تتحمل الإجراءات على المعابر"، معربًا عن "أسفه" بسبب "عدم وجود إمكانية لاستثمار الجوافة في العصير في القطاع".

من جهته، قدّر مدير دائرة البستنة الشجرية في وزارة الزراعة في غزة، محمد أبو عودة، كمية إنتاج محصول الجوافة في مناطق غزة الموسم الحالي بنحو ألفين و200 طن، مشيرًا إلى أن الكمية كانت نحو 4 آلاف و200 طن العام الماضي.

وبيّن أبو عودة لـ"قدس برس"، أن "إجمالي المساحة المزروعة بالجوافة بلغت ألفًا و710 دونمات؛ في حين بلغت المساحة المثمرة منها نحو ألف و160 دونمًا، وغير المثمرة 550 دونمًا".

وذكر أن "هناك الكثير من أصناف الجوافة التي نجحت زراعتها في غزة، وهي: البلدية، الهندية المصرية، والبندوف".

وتطرق أبو عودة لتراجع إنتاج الجوافة هذا العام "رغم أن أغلب المحاصيل من زيتون وعنب ونخيل كان إنتاجها جيدًا"، قائلاً إن "سببه ملوحة المياه وأمراض التربة المنتشرة ولا سيما مرض (النيماتودا)".

وأضاف إلى جانب ذلك "عدم الإحلال والتجديد بالنسبة للأشجار، نظرًا لكبر أعمارها، التي تزيد على 50 سنة"، مشيرًا إلى أن "هناك شيئًا يسمى العمر الإنتاجي، في صناعة الاستثمار الزراعي، وبعد هذا العمر؛ يجب التفكير في تجديد الشجرة حتى تعطي إنتاجًا أكبر".

وأوضح أن وزارة الزراعة "تحاول إدخال تقنيات حديثة لها علاقة بوجود حلول نوعية، من خلال التواصل والتنسيق مع مؤسسات دولية لتطعيم أشتال الجوافة، لحل إشكاليات لها علاقة بتوحيد الصنف".

وتابع: "إضافة إلى إدخال فرص لصناعات تحويلية، وإيجاد فرص لإطالة الموسم ليكون لعدة أشهر وليس لشهر واحد فقط".

وأردف أبو عودة أن "الجوافة تتكاثر بعدة طرق منها: التكاثر بالبذرة، والتكاثر بالعُقل، والتكاثر بالتطعيم"، مشيرًا إلى أن "أشجار الجوافة تنمو تحت ظروف مناخية ونطاقات بيئية متباينة".

واستدرك قائلاً إن "نموها يتأثر كثيرًا بانخفاض درجات الحرارة، وبصفة عامة؛ تتحمل أشجارها انخفاض درجات الحرارة حتى 5 درجات مئوية".

وبيّن أبو عودة أن "فرص التسويق والمنافسة لمحصول الجوافة تقلّ، في ظل المنافسة في السوق المحلي مع أصناف أخرى، مثل المانجا، إضافة إلى منع التصدير منذ سنوات، إذ كانت تصدّر إلى الأردن والضفة الغربية.

بدوره، أكد المزارع، أحمد زعرب، أن "إنتاج الجوافة لديه انخفض هذا الموسم إلى النصف"، مشيرًا إلى أن هناك "مرضًا غير معروف يفتك بأشجار الجوافة، وبتسبب بموتها".

وأضاف زعرب لـ"قدس برس"، أن "هذا المرض يقتل الشجرة من الأعلى، وصولاً إلى الجذور"، مؤكدًا "عدم القدرة على معرفة طبيعية هذا المرض، رغم استخدامنا لكل المبديات التي تحدثت عنها وزارة الزراعة".

وأردف المزارع الذي يزرع 7 دونمات بأشجار الجوافة: "نحن غير قادرين على شراء الماء المحلّى لري المحصول، كما برزت لدينا مشكلات أخرى مثل ملوحة المياه، إضافة إلى المرض الغامض الذي ضرب الأشجار، إلى جانب تأخُّر الإنتاج".

ويبدأ موسم حصاد الجوافة، بداية أيلول/سبتمبر ويستمر حتى منتصف تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، ويشارك مئات العمال الفلسطينيين في قطف ثمار الجوافة، التي يعد موسمها مصدر رزق جيدًا لهم.

وتشير إحصاءات وزارة الزراعة بغزة إلى أن المساحة الزراعية الفعلية في القطاع تبلغ نحو 180 ألف دونم، موزعة على محافظات القطاع الخمس، على حين تبلغ المساحة المحصولية الزراعية قرابة 220 ألف دونم.

ويسهم القطاع الزراعي بنسبة 5.7-6 في المائة من إجمالي الناتج القومي، فيما تبلغ قيمة الإنتاج الزراعي 430 مليون دولار.

وبلغت خسائر القطاع الزراعي جراء عدوانات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة منذ العام 2006 على قطاع غزة ما يزيد على 1.3 مليار دولار، على حين تم تقديم مساعدات بما نسبته 30% من إجمالي الضرر، وفق إحصاءات الوزراة.

 

المصدر / فلسطين أون لاين