فلسطين أون لاين

تقرير "ملاك" و"فاطمة" تُحيكان حلمهما بدار أزياء فلسطينية تصبو للعالمية

...
ملاك الجعبري وفاطمة زلوم
الخليل-غزة/ مريم الشوبكي:

على طاولة قص وضعت في صالون البيت انهمكت الصديقتان ملاك الجعبري وفاطمة زلوم بتصميم باترون لفستان ببصمة فلسطينية. تتبادل الشابتان الأدوار بينهما بانسيابية وهدوء، إحداهنّ تنفذه على القماش، والأخرى تقوم بحبك القماش على ماكينة الخياطة التي تمتلكها فاطمة.

صداقة في المدرسة قادت ملاك وفاطمة من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، نحو دراسة تصميم الأزياء في الثانوية العامة والانتقال بهذا التوافق المهني إلى المرحلة الجامعية حيث تعمّقت صداقتهما حد الاشتراك في مشروع "قلم وخيط" لتصميم أزياء من داخل بيت فاطمة حيث تجتمع مع ملاك يوميًّا.

جمعتهما موهبة الرسم، فاستفادتا من تلك الموهبة في تنسيق ألوان الملابس وابتكار تصاميم جذابة تُحولانها إلى قطع ملابس تتنقّلان بها بين مشاغل الخياطة لحياكتها في مهمة متعبة ومجهدة، وسط إصرار على تحقيق حلميهما بأن يكون لديهما بصمة في عالم الأزياء.

أبهرت فاطمة (19 عامًا) مُدرسيها عند مناقشة مشروع تخرجها، حيث دمجت التطريز الفلسطيني بالملابس التي صممتها، واستطاعت الحصول على درجات نهائية مرتفعة، ومن هنا بدأت تشقُّ طريقها لتحقيق حلمها لتكون مصممة أزياء، فوفّرت طاولة قصة وماكينة خياطة بسيطة ضرورية لإتمام المراحل الأولى من صناعة الملابس.

تقول فاطمة لـ"فلسطين": "الاحتلال يحاول تزييف التاريخ بنسب التراث الفلسطيني من التطريز الفلاحي على أنه تراث له، وهنا أسعى إلى التأكيد على التراث الفلسطيني في تصميماتي".

وتحرص المصممتان على تصميم ملابس فضفاضة خاصة بالمحجبات تناسب جميع الأذواق، وجميع الفئات العمرية من كبار السن، وطالبات المدرسة، والجامعة أيضًا.

وعن أولى أعمالها في تصميم الملابس، تذكر أنها صممت في البداية "أفرهول" وعدد من العباءات، وبعدما نالت إعجاب عائلتها وصديقاتها، كان الأمر دافعًا نحو تعميم التصميم.

وتلفت فاطمة إلى أنها شغوفة بتصميم الإكسسوار، إلى جانب المطرزات الفلسطينية التراثية التي تُضفي عليها لمسة عصرية بروح فلسطينية، لتجذب الفتيات وتُرغّبهنّ في ارتداء ملابس التراث الفلسطيني.

وتسعى فاطمة إلى توسيع مشروعها المنزلي، من خلال افتتاح أكثر من مشغل تستطيع من خلاله استقبال طلبات تصميم أكثر بمساعدة عدد من الفتيات لها في العمل.

وتُسوّق فاطمة تصاميمها عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي لاقت إعجابَ كثير من المتابِعات، حيث استقبلت عددًا من الطلبات لتصاميم ملابس لنساء في مدينة الخليل.

ليست خياطة

وتحاول ملاك وفاطمة تغيير النظرة المجتمعية تجاه مصممة الأزياء والتي يعتبرونها "خياطة"، إذ تقول: "مصممة الأزياء ليست مجرد شخص يقوم بحياكة التصاميم الجاهزة، وإنما شخص يضع كلّ جهده في إبداع قطعة من خياله، وتصميمه".

بدورها تقول ملاك (19 عامًا): "نطمح أن يكون لدينا دار أزياء كالمصممين الفلسطينيين والعرب الذين وصلوا للعالمية، والمشاركة في عروض أزياء نُبرزُ فيها التراث الفلسطيني من خلال الملابس التي نُصمّمها".

وتُردف: "أمضي ساعات طويلة برفقة فاطمة للتعلُّم من خلال التجربة والخطأ، أسعى دائمًا لتطوير خبرتي في مجال التصميم ليكون لدينا دار أزياء خاصة بنا".

وكخطوة أولى على طريق حلمهما، تُبيّن ملاك أنهما تمكنّتا من الانطلاق من مشغل بيتي بماكينة بسيطة، نظرًا للعوائق المادية لشراء أكثر من ماكينة خياطة لحبك الملابس من البداية إلى النهاية، والتي تتطلب مبالغ مالية لا تستطيعان توفيرهما وهما على أولى درجات مشوارهما المهني.

وتسعى ملاك إلى امتلاك خط أزياء نسائي فلسطيني والمشاركة به في جميع معارض الأزياء حول العالم، للتذكير دائمًا بالتراث الفلسطيني في ظلّ محاولات الاحتلال الإسرائيلي سرقة التراث.

وتطمح المصممتان إلى افتتاح أكاديمية لتصميم الأزياء في فلسطين بعد عدة سنوات، وإصدار كتاب شامل لما تعلَّمتاه في عالم الأزياء، ليكون دليلًا لكل فتاة تريد الدخول في هذا العالم ومعرفة أسراره.