فلسطين أون لاين

سياسة "جز العشب" أمام اختبار قاسٍ مع تصاعد المقاومة

مع تصاعد عمليات المقاومة في الضفة الغربية، الفردية والمنظمة، تزداد إرباكات الاحتلال في ظل ما يصفها بحالة "غليان، وقرب انفجار" الوضع الأمني فيها، مع سيطرة المقاومين على واقعها الميداني، وتراجع نفوذ السلطة الفلسطينية في بعض البؤر المناطقية، ولا سيما في الشمال، وتحديدًا في مدينتي جنين ونابلس ومخيماتهما.

يحصل ذلك على الرغم مما يقوم به الاحتلال منذ هجمات مارس الماضي من اقتحامات ليلية واعتقالات دورية، وما يتخللها من احتكاكات دائمة مع المسلحين، في حين أن معظم عمليات إطلاق النار تستهدف قوات الجيش التي تدخلها، في ذات الوقت الذي بلغ فيه عدد المعتقلين فيها خلال الشهور الأربعة الماضية قرابة 1200 مقاوم أو مطلوب.

من الواضح أن الجهود الاحتلالية لم توقف مسار الهجمات المسلحة، وآخرها ما شهده غور الأردن من عملية بطولية، لم تفاجئ الاحتلال، الجيش والشاباك، بزعم أن "العنوان كان مكتوبًا على الحائط"، المتمثل في وجود قناعة إسرائيلية سائدة بأن هناك خلايا فلسطينية نائمة، سواء كانت ذاتية مناطقية جهوية، أو منظمة وموجهة عن بعد، لكن "الشاباك" لم يضع يديه عليها، على الأقل حتى الآن.

بجانب العمليات الأخيرة التي شهدتها الضفة الغربية، سواء ما شهدته شهور مارس وإبريل ومايو، أو أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر، فقد ادعى الجيش إحباط 200 هجوم لإطلاق نار منذ بداية العام الجاري، أي بمعدل هجوم واحد لكل يوميًّا، وعليه فلم يعد لديه ما يقوم به، بزعم أنه يبذل قصارى جهده بنسبة مائة بالمائة، لكنه يعترف بأنه ليس لديه مائة بالمائة من الإنجاز، ما قد يعيد لأذهان الإسرائيليين أيام انتفاضة الأقصى، التي امتازت بعمليات أكثر قوة وتخطيطًا.

تتزامن أحداث العمليات الأخيرة مع تهديدات أخرى تواجهها دولة الاحتلال، سواء إيران أو غزة أو لبنان، لكن من الواضح أن احتمالات التصعيد في الضفة الغربية أعلى منها في الجبهات الأخرى، وأمام هذا التهديد بمزيد من استهداف حافلات المستوطنين ومركبات الجيش، فيبدو أنه يتحضر لتكثيف اقتحاماته اليومية والليلية للحدِّ قدر الإمكان من هذه الهجمات، التي لا يبدو في الأفق أن نهايتها وشيكة.

صحيح أن هجمات الصيف الأخيرة لم توقع خسائر بشرية إسرائيلية كثيرة قياسًا بعمليات الربيع الماضي، لكن من الواضح أن المهاجمين وضعوا أيديهم على "البطن الرخوة" للاحتلال، ما يتسبب في إزعاجه كثيرًا، على اعتبار أن المقاومين باتوا يعدون حافلات المستوطنين والجنود أهدافًا عالية الجودة لتنفيذ عمليات إطلاق نار تجاهها، ما قد ينتهي في هجمات قادمة بخسائر باهظة للاحتلال، وإنجاز هائل للمقاومة، التي سيزداد حماسها للمزيد من الهجمات الناجحة.