لم تنتظر أسرة شيرين أبو عاقلة تحقيقات دولة الظلم والعدوان. لم تنتظرها لأنها كانت تعلم بمخرجات التحقيق قبل أن يبدأ. مخرجات التحقيق الإسرائيلي جاء متماهيا مع ما توقعته أسرة شيرين، ومع ما توقعه الفلسطينيون المتابعون للقضية. التحقيق جاء مائعا مغمغا، يرجح قتلها برصاصة جندي إسرائيلي، ولا ينفي احتمال قتلها برصاصة مسلح فلسطيني، وعليه لا اعتذار، ولا تحمل لمسؤولية القتل، ولا تحقيق مع الجندي مرتكب جريمة القتل.
التحقيقات لم تستهدف البحث عن الحقيقة، وإنما استهدفت مناورة الرأي العام، واحتواء الموقف الأمريكي، وعرقلة توجه العائلة وأطراف أخرى إلى محكمة الجنايات الدولية. دولة الظلم والاحتلال أجرت تحقيقاتها لتكسب وقتا يتمّ من خلاله احتواء الانفعالات المرتبطة بالجريمة، ومن المعلوم أن الوقت ينسي، وتأتي مستجدات تطمس القديم.
دولة الاحتلال وظفت نظريات علم النفس، والرأي العام، والمناورات القانونية، حتى لا تدان بجريمة قتل الصحفية شيرين، وتضطر للاعتذار وتقديم التعويضات لأسرتها، ولا سيما أن شيرين تعتبر أمريكية، وحق الدفاع عن الأمريكي له تقاليد في أمريكا.
السلطة الفلسطينية، والفصائل الفلسطينية، انضموا لعائلة شيرين في رفض تقرير التحقيقات الإسرائيلية لما فيه من عيوب، ومناورات، وطالبوا بإجراء تحقيق دولي شفاف، وناشدت عائلة شيرين رجال الكونجرس بتأييد مطالب العائلة. ولكن هل يمكن أن تتحول هذه المطالب العادلة إلى أعمال وأفعال؟ ثمة شك في ذلك، ولكن لا حيلة أمام العائلة، والسلطة، والفصائل غير المحاولة، لعل وعسى.
دولة الظلم والعدوان لها تقاليد متبعة في مثل هذه الحالات، وهي تقاليد تقتضي بعدم إدانة جنود جيش الاحتلال، أو تقديم أحدهم للمحكمة، أو تقديم اعتذار عن قتل أي فلسطيني حتى ولو كان بريئا. وقد قتل جيشها أبرياء كثر دون مبرر للقتل ولم تقدم دولة العدوان اعتذارًا، أو تعويضًا، وشيرين ليست آخر ضحايا القتل الظالم والعدوان غير المبرر.