فلسطين أون لاين

مآلات انسداد أزمة الغاز والحدود البحرية الإسرائيلية اللبنانية

مع زيادة التوتر اللبناني الإسرائيلي بشأن استخراج الغاز من البحر المتوسط، وتعثر المفاوضات الجارية حول ترسيم الحدود البحرية، يحذر الإسرائيليون من إمكانية تحول تهديدات حزب الله إلى سلوك ميداني على الأرض، ما قد يتدهور إلى صراع قوي، وفي هذه الحالة تجد دولة الاحتلال نفسها أمام سلسلة من الخطوات الميدانية لتفادي ذلك.

مع أن حلول الأول من سبتمبر كان الموعد المستهدف لبدء الحفر في حقل غاز "كاريش"، وبناءً عليه تمت صياغة الموعد النهائي الذي حدده الحزب لإنهاء المفاوضات وفقًا لمطالب لبنان، أو مهاجمة البنية التحتية للطاقة الإسرائيلية، وبعد أن تأجلت الجداول الزمنية، والاحتلال منغمس في عملية انتخابية، والاتفاق النووي الإيراني قيد الإنجاز، فإن الطرفين، الاحتلال والحزب، قد يضطران إلى الانتظار مدةً من الوقت، وخلالها ستزداد التهديدات المتبادلة، بانتظار تنفيذها، أو المخاطرة بتصعيد غير منضبط.

منذ ثلاثة أشهر، يواصل الحزب تهديد الاحتلال استعدادًا لبدء استخراج الغاز، وفي هذه الحالة فلن يتحرك ضد الحفار فحسب، بل سيمنع الغاز في جميع حقول الغاز في فلسطين المحتلة، ما يعني أننا أمام خطاب غير مسبوق من حيث توترها وشدتها، على الأقل منذ حرب لبنان الثانية، وما لبث أن دعم أقواله بالأفعال في مناسبتين مختلفتين، حين أطلق 4 مسيّرات تجاه المياه الاقتصادية التي يسيطر عليها الاحتلال.

مع العلم أن تهديدات الحزب جزء من اتجاه متزايد في السنوات الأخيرة، وفي معظم الحالات استعد لاستخدام القوة لدعمها من خلال عدم السماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق في أجواء لبنان، ورفض أي هجوم على أراضيه رداً على إطلاق صواريخ فلسطينية نحو الاحتلال، والرد على سقوط قتلاه في سوريا من هجمات إسرائيلية، ورفض السماح بإنتاج الغاز في المياه الاقتصادية التابعة لفلسطين المحتلة.

من الواضح أن التقييم الإسرائيلي لزيادة تهديدات الحزب، ومخاطرته بالتصعيد لما دون الحرب، تغذيها ردود فعلها التي يراها الحزب منضبطة، أولها تجنبها أي رد على مسيّراته، وثانيها تواصل المفاوضات البحرية، وثالثها بينما يتحدث الحزب عن احتمال الحرب، يكتفي الاحتلال بالحديث عن "أيام معركة" فقط، ورابعها إمكانية تدحرج هذه الحالة بينهما بصراع قوي، حتى لو لم يريدا ذلك، لكن عندما يقدر كل جانب أن الآخر يريد تجنب الحرب، تتهيأ الظروف لسوء تقدير الموقف.

هذه القراءة الإسرائيلية دفعت محافل عسكرية لانتقاد أداء الحكومة والجيش بزعم أنهما لا يظهران المزيد من التصميم على حماية أصول الطاقة الإستراتيجية بعد أن باتت تحت تهديد الحزب، ما دفعها لطلب القيام بجملة خطوات عاجلة خشية تحول تلك التهديدات لهجوم حقيقي.