أكثر من ثمانمائة مقدسي يقيمون في حي "وادي الربابة"، أحد أحياء بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة، يلاحقهم كابوس التشريد والتهجير القسريين من منازلهم وأراضيهم للاستيلاء عليها لمصلحة مشروع استيطاني جديد يحمل اسم "مزرعة في الوادي".
يقع المشروع الاستيطاني على أرض في "وادي الربابة" البالغة مساحته نحو 210 دونمات، ويعيش فيه 1300 مقدسي، يمارس الاحتلال والجمعيات الاستيطانية حربًا عليهم منذ أعوام لسلب أراضيهم وإقامة مخططاتهم العنصرية.
وزعمت جمعية "إلعاد" الاستيطانية أنّ المشروع الاستيطاني يسعى لتقديم تجربة زراعة خاصة تشبه تجارب المزارعين في العصور القديمة.
وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية أنّ آلاف المستوطنين في فلسطين المحتلة واليهود حول العالم سجلوا في الورشات والنشاطات التي ستقام في إطار هذه المزرعة، إذ إنّ جمعية "إلعاد" حاولت استقطاب هؤلاء من خلال نشاطات فنية أيضًا بمشاركة فنانين مشهورين.
تهجير الأهالي
عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس أحمد الصفدي، أوضح أنّ الهدف من المشروع تجريف أراضي الحي والاستيلاء عليها، وجلب مستوطنين جدد من مختلف دول العالم للإقامة في الحي المقدسي.
وبيّن الصفدي في حديث لصحيفة "فلسطين" أنّ المشروع تديره جمعية "إلعاد" بدعم من حكومة الاحتلال وبلدياتها ووزرائها، ووزارات الجيش، والقضاء، والزراعة، والتعليم، منوهًا إلى أنّ الجمعية الاستيطانية تستخدم النشاطات الزراعية لجلب المستوطنين، وتحاول تغيير ملامح الأرض الأصلية، وإنشاء تاريخ جديد لها منسجم مع الرواية الإسرائيلية الاحتلالية بشأن مدينة القدس.
وحذّر من خطورة المشروع الذي سيزيد من تغول المستوطنين على ممتلكات ومنازل الأهالي وتهجيرهم قسرًا، مؤكدًا أنّ محاولات الاحتلال وجمعياته الاستيطانية مستمرة منذ عقود من أجل هذه اللحظة.
وأفاد بأنّ الاحتلال في حال استولى على أراضي الوادي فسيعمل على تغيير معالم المنطقة بالكامل، منوهًا إلى أنّ اعتداء المستوطنين بحماية قواته على الأهالي والأراضي الزراعية مستمرة.
وبيّن أنّ الاحتلال يضع أساسات وأعمدة شاهقة للقطار الهوائي الذي سيمر بالوادي، إلى جانب تركيب شبكة ري وزراعة الأشجار وإنشاء طرق للسير.
صمود مستمر
وقال رئيس لجنة حي "وادي الربابة" عبد الكريم أبو سنينة إنّ محاولات الاحتلال والجمعيات الاستيطانية لسلب أراضيهم وتهجيرهم من منازلهم لم تتوقف منذ نحو 30 عامًا، مشددًا على أنّ الأهالي لن يتخلوا عن أراضيهم ومنازلهم وسيصمدون فيها.
ودعا أبو سنينة في حديث لـ"فلسطين" إلى دعم صمود المقدسيين في الحي والوقوف إلى جانبهم في ظلّ محاولات الاحتلال وجمعياته الاستيطانية الهادفة لتهجيرهم قسرًا.
وأضاف أنّ أهالي الحي يتخوفون من استيلاء الاحتلال على الشارع الوحيد الذي يصل شرق القدس وغربها، في ظل محاولاته المستمرة لوضع قبضته عليه، ما سيحرمهم من التنقل عبره، إلى جانب التحكم بأعداد الداخلين والخارجين منه.
وانتقد موقف السلطة وبعض المتضامنين الدوليين الذين يقدمون الوعود تلو الأخرى بتقديم الدعم والمساندة لهم وتوفير محاميين للدفاع عنهم أمام محاكم الاحتلال، قائلًا: "يوهموننا بالوقوف إلى جانبنا، لكنّ وعودهم أشبه بإبر التخدير".
ودعا وسائل الإعلام المحلية والدولية للحضور إلى "وادي الربابة" والاطّلاع على معاناة الأهالي، والأراضي والمنازل المستهدفة، ومحاولات الاحتلال الرامية لتضييق الخناق عليهم، ودفعهم للرحيل قسرًا عن أراضيهم.
وطالب العالمَين العربي والإسلامي بحراك جماهيري للوقوف إلى جانب المقدسيين ووقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي الممارسة بحقّ البشر والشجر والحجر.