مع انعقاد المؤتمر الصهيوني في مدينة بازل السويسرية إحياء لمرور 125 عاما على المؤتمر الصهيوني الأول بزعامة مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل، لا تزال أوساط هذه الحركة، ودولة الاحتلال من بعدها، تبدي قلقها من مشكلة خطيرة تضاف الى معاداة السامية التقليدية، وهي معاداة الصهيونية، التي تشكل اليوم شكلاً جديدًا من هذا التهديد، وتتجلى في حملات الكراهية والتشهير ضد المنظمات اليهودية التي تعمل لصالح دولة الاحتلال، مما يجعل منها أحد أكبر تحديات الحركة الصهيونية.
صحيح أن مؤتمر بازل في عام 1897 أنشأ لاحقا دولة الاحتلال، باعتباره أول اجتماع للحركة الصهيونية، وأدى لإقامة ما يزعمه الصهاينة بأنها "الوطن القومي اليهودي"، لكن ذلك لم يحلّ ما سميت آنذاك "المسألة اليهودية"، بسبب استمرار معاداة الحركة الصهيونية حول العالم، حتى أن هرتزل ورفاقه الصهاينة لم يتوقعوا أن دولة الاحتلال ستضطر لتخوض ثمانية حروب منذ إنشائها عام 1948، بسبب استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي لم يتم حلّه بعد.
الحركة الصهيونية بعد هذا العمر 125 عامًا، لا تزال تواجه التهديدات المستمرة من الدول والمنظمات المسلحة، وجهود المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني لنبذ دولة الاحتلال، وتصنيفها كيانا غير شرعي، واعتبار "الصهيونية أحد أشكال العنصرية"، وحملات حركة المقاطعة، كل ذلك يتزامن مع اجتماع القادة الصهاينة في بازل.
هذا يعني أن الحركة الصهيونية تشهد اليوم تحديات وتهديدات لم تكن قائمة عند تأسيسها في عام 1897، وفيما يحيي قادتها مرور 125 عاما على تأسيسها، ومرور أكثر من 74 عاما على إقامة دولة الاحتلال، فلا زالت الحملات المعادية لهما حول العالم آخذة بالازدياد، ليس فقط من قبل المنظمات المؤيدة للفلسطينيين، بل في الولايات المتحدة وحول العالم، ومن قادة سياسيين ومرشحين من اليمين الأوروبي، ممن يحملون رسائل معادية للاحتلال، وخطابا يركز على هذه المحتويات.
من هذه التحركات المعادية للصهيونية ما شهدته بعض الولايات الأمريكية والعواصم الأوروبية مؤخرا بتأسيس مجموعات معادية لدولة الاحتلال، تتهم الصهاينة بأنهم يحملون الولاء المزدوج، مما دفع دولة الاحتلال لاتهام هذه التحركات بأنها تسعى لتقويض شرعيتها، رغم أن الحديث يدور عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهي معاقل التأييد المطلق لدولة الاحتلال، الأمر الذي يضع تحديات وجودية على مدى قدرة الحركة الصهيونية على الادعاء بنجاحها بعد مرور كل هذه السنوات الطويلة.
أخيرا.. وفيما يزعم الصهاينة في هذه الذكرى أنه لا يمكنهم ضمان مستقبل يهودي آمن دون بذل جهود دؤوبة لمقاومة معاداة الصهيونية المنتشرة في العديد من بلدان العالم، بما فيها المحافل والأماكن الدولية مثل المجالس التشريعية وحرم الكليات الجامعية، لكن هذه المظاهر والتحركات توسع من رقعتها، وتزيد من فعالياتها، وتكسب المزيد من الأنصار!