فلسطين أون لاين

تقرير خلافات قادة السلطة تفضح دورها في طمس ملف اغتيال "عرفات"

...
صور للراحل الرئيس ياسر عرفات
غزة/ يحيى اليعقوبي:

احتاج ملف اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات لحدوث خلافات وصراعات جديدة بين قيادات السلطة كي يطفو على السطح مجددًا، بعد سنوات من إخفائه عن شعبنا الفلسطيني.

وبسبب الخلافات الجارية بين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي وأعضاء آخرين في اللجنة، كحسين الشيخ، ورئيس السلطة محمود عباس، أُثير ملف اغتيال "أبو عمار"، الذي تُغيَّب الحقيقة فيه عن الشعب الفلسطيني منذ ثمانية عشر عامًا، ما يفضح دور السلطة في التعامل مع الملف، وعدم محاسبة القاتل.

ولطالما انتظر الفلسطينيون معرفة المتورطين باغتيال رئيسهم الراحل، وتقديم من دسّ السم إليه للعدالة، لكن خرج رئيس لجنة التحقيق باغتياله توفيق الطيراوي مرة أخرى أول من أمس، وقال في بيان رد فيه على معلومات تحدثت عن متورطين بالملف: "لا أحد يملك معلومات صحيحة، ولا حصرية، ولا سرية بهذا الخصوص، إذ إنّ لجنة التحقيق التي يرأسها لم تنتهِ بعد من التحقيق، ولم تتوصل بعد لنتائج دقيقة وموضوعية وقاطعة بشأن جريمة الاغتيال".

على الرغم من تلميح بعض القيادات الفتحاوية أنّ قيادة فتح تعرف من شارك في جريمة إدخال السم لعرفات، فإنّ الطيراوي الذي عزله عباس من منصبه في جهاز المخابرات قبل أعوام بسبب فضائح التجسس على مسؤولين كبار في السلطة قال: إنّ "المواطنين مستعجلون لمعرفة نتائج التحقيق، ومعرفة التفاصيل الدقيقة للعملية".

تصريحات كثيرة وجّهت أصابع الاتهام إلى مقربين من "أبو عمار" لهم يد في دسّ السم، وهذا ما صرح به مستشار الرئيس الراحل بسام أبو شريف، وزوجته سهى عرفات، وأيضًا رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني في حوار مع صحيفة "القبس" الكويتية، بأنّ عرفات قُتل من مقربين حوله، وهذا ما يوضح سبب إخفاء الملف حتى الآن عن الشعب الفلسطيني، حسبما يقول محللون وناشطون سياسيون لصحيفة "فلسطين".

حقيقة مغيبة

يقول الكاتب والمحلل السياسي جمعة تايه إنّ من حقّ الشعب الفلسطيني أن يعرف من اغتال زعيمًا بحجم "أبو عمار"، متسائلًا: "متى سيعرف الشعب هذه الحقيقة؟".

وأضاف تايه لصحيفة "فلسطين": "منذ 18 عامًا، لا توجد أيّ معلومة حقيقية، وكل ما يُثار شائعات ومناكفات بلا أي سند ولا دليل، كما حدث في إثارة الملف أخيرًا بسبب أزمة الطيراوي"، عادًّا تصريحات الأخير رسالة مبطنة إلى خصومه وورقة ضغط عليهم يستخدمها في صراعه الدائر حاليًّا، بعدما سحبت منه مناصب عديدة، من بينها منصبه رئيسًا لجامعة الاستقلال".

وتابع: "الحديث عن فساد السلطة يطول، فمن طمس لجان التحقيق بقضية "أبو عمار"، إلى قضية نزار بنات، وغيرها من قضايا الاغتيال والقتل، وإلى التماهي مع الاحتلال والتنسيق الأمني، كل ذلك يؤكد أنّ الشعب الفلسطيني بحاجة إلى قيادة مخلصة تضحي من أجله وحريصة على خدمته، وعلى النضال والكفاح من أجل صموده على أرضه".

ويوافق الناشط السياسي زياد عمرو، رأي تايه، مؤكدًا أنّ هناك فسادًا سياسيًّا شاملًا في دوائر ومؤسسات السلطة برمتها، مشيرًا إلى أنّ بعض القضايا لا تُثار إلا عندما يترك الشخص منصبه كما حدث مع الطيراوي، فيبدأ الحديث عما يمتلكه من معلومات بخصوص اغتيال عرفات، وهذا يدل على أنّ الملفات خاضعة لمزاج بعض الأشخاص، ولا تتم وفق القانون، ووفق منهج عمل معين فيما يتعلق بالفساد وغيره، كملف نزار بنات المنوط بمصالح وارتباطات بعض الأشخاص.

تقصير وإدانة

ويعتقد عمرو الذي ترشح للانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في مايو/ أيار 2021 عن قائمة "طفح الكيل" خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين" أنّ اختفاء نتائج لجنة التحقيق حتى هذا الوقت دليل على أنّ كل الجهات ذات العلاقة مدانة بالتقصير والإهمال بالملف.

وأضاف: "الخطير في الأمر ليس طمس الحقيقة فقط، وإنما أن تبقى القضية مرتبطة بمزاج أشخاص معينين، وهم يستمرون في الحكم بطريقة غير شرعية، ويبذلون كل ما بوسعهم للبقاء على هذه الحالة".

بخلاف ما يعلنه الطيراوي عن عدم توصل اللجنة لأيّ نتائج تتعلق بالمتورطين باغتيال "أبو عمار" وأنّ اللجنة لم تنتهِ من عملها بعد، يرى أنّ الحقيقة يمكن كشفها، لكن ما صرح به الطيراوي شيء طبيعي، في ظل عدم وجود انتخابات دورية، ولا جهاز رقابي سليم يتابع أداء السلطة والمنظمة، ما يعني أنه حتى لو وصلت اللجنة لنتائج دقيقة فإنّ الحقيقة لن تظهر وسيتم طمسها.

وبدأت أزمة الطيراوي بعد تسريب تسجيل صوتي منسوب إليه يتهم به عضو مركزية فتح حسين الشيخ بالتورط في "قضايا تحرش"، وأنّ عباس يتغاضى عن ذلك، ولم يمر وقتٌ طويل حتى أعلن الطيراوي سحب طاقم الحراسة الخاص به، وإقالته من منصبه رئيسًا لجامعة الاستقلال، وهو آخر المناصب التي كان يشغلها الرجل.