حذر مراقبون، من مصادقة ما تسمى "المحكمة المركزية" الإسرائيلية في 30 من الشهر الماضي، على "صفقة" موقعة في عهد البطريرك المخلوع إيرينيوس لبيع ثلاثة مبان تابعة للبطريركية الأرثوذكسية في القدس المحتلة، لجمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية.
وتضم هذه العقارات بنايتين من أضخم المباني في البلدة القديمة، هما فندقا "بترا" و"امبريال" على مدخل باب الخليل، أما البناية الثالثة فهي مسكن في شارع المعظمية في الحي الإسلامي.
وأكد رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي، أمس، أن الصفقة هي لبيع الاحتلال هذه العقارات، وليس تأجيرها، محذرًا من أن ذلك يمثل "قضية خطيرة".
ونوه في تصريحات لـ"فلسطين"، إلى أن استيلاء الاحتلال على "بيت المعظمية الذي يقابل باب حطة يعني أنه يريد أن ينتقل لنقطة أخرى بشكل كبير جدًا، وهي قضية خطيرة تتمثل في البوابات، فبعد أن تم الاستيلاء على باب المغاربة في 1967م لاحظنا في الأسابيع الماضية أن سلطات الاحتلال وضعت كل ثقلها من أجل إبقاء باب حطة مغلقًا".
ونبه إلى أن مساعي الاحتلال للاستيلاء على المنازل بأي ذريعة كانت، هي "محاولة للسيطرة على محاور الطرق في بدايتها ونهايتها"، مشيرًا إلى أن الاحتلال يرمي إلى السيطرة على القدس بالكامل، ما يجعل تحقق مطلب السلطة بأن يكون شرقي المدينة عاصمة لدولة فلسطينية من المستحيلات.
وقال رئيس اللجنة العليا لمتابعة شؤون الكنائس حنا عميرة، التي شكلها رئيس السلطة محمود عباس، إن هناك قرارًا إسرائيليًا صدر بالفعل في 30 من الشهر الماضي، واصفًا إياه بأنه "قرار سياسي للسيطرة على أملاك مهمة".
وأضاف عميرة لصحيفة "فلسطين"، أن محكمة الاحتلال "تجاهلت جميع البينات التي تدحض توقيع مثل هذه الصفقة وأقرت بسريانها"، منوها إلى أن ذلك يأتي بعد تصعيد الاحتلال إجراءاته في المسجد الأقصى مؤخرا.
وحذر من أطماع الاحتلال التي تستهدف "المقدسات الإسلامية والمسيحية".
وتابع بشأن "الصفقة": "في عام 2004، كان هناك وكيل للكنيسة قام بتأجير هذه الممتلكات لمدة 99 سنة لشركة إسرائيلية. الآن جرى تغييرات داخل البطريركية وجاء بطريرك آخر وقام المستوطنون برفع دعوى على البطريركية بدعوى أنهم قد استأجروا هذه الأملاك لمدة 99 سنة".
وأشار إلى أن حكم محكمة الاحتلال صدر "لصالح المستوطنين"، مبينا أن "الوكيل" الذي أبرم الصفقة "هو هارب".
وعن موقفه من مثل هذه الصفقة، أجاب: "نحن ندين مثل هذه الصفقات ولا نوافق عليها، وقد أعلنا مرارًا وتكرارًا أن الأملاك هي ملك الشعب الفلسطيني".
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت كشفت في منتصف مارس/آذار 2005 تفاصيل صفقة بملايين الدولارات أبرمها إرينيوس لبيع مبنيين من أملاك الكنيسة الأرثوذكسية في شرقي القدس لمستثمرين يهود، وفي السادس من مايو/أيار أبلغ بإقالته من منصبه بعد موافقة ثلثي مجمع الأساقفة عليها وذلك بسبب ضلوعه المفترض في الصفقة المذكورة.
حقوق الشعب الفلسطيني
من ناحيته، قال الخبير القانوني د. حنا عيسى: إن هذه الصفقة "عقدت سنة 2004 في زمن البطريرك المخلوع إيرينيوس وتم اكتشافها في 2005م بالتالي تم عزله".
وأضاف عيسى لصحيفة "فلسطين"، أن "محاسبًا في البطريركية قام بعقد هذه الصفقات ثم هرب"، موضحًا في نفس الوقت أن "هناك تزويرًا في المعاملات".
وبيّن أن البطريرك ثيوفيلوس رفع قضية ضد التزوير الذي جرى في مناطق باب الخليل وباب حطة.
وبشأن موقفه من بيع أو تأجير أراضٍ فلسطينية للاحتلال، قال: "ممنوع منعًا باتًا. هذا مُسلَّم به. كل الطائفة الأرثوذكسية المسيحية في فلسطين دون استثناء ضد أي تأجير أو بيع".
وعن إمكانية استرداد العقارات التي تشملها "الصفقة"، أجاب: "الاحتلال عندما ينقض على شيء لا يريد تركه. هو انقض على فلسطين التاريخية وعلى أرض البطريركية وبنى الكنيست والمحكمة العليا على أراضينا في القدس المحتلة وبالتالي هو يستخدم كل الأساليب المتاحة له للانقضاض على الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني".